.
ولا يَؤُمَّنَّ
الرجلُ الرجلَ في سلطانه/ حديث شريف
المنطلق:
قال الداعية
الكويتي نبيل العوضي البارحة 29/01/2013 في برنامج التاسعة مساء مُتحدّثا عن إمامته لوزير
الشؤون الدينية التونسي لصلاة المغرب في أحد المساجد التونسية:
[ ...أحنا ما
فيه فرق، يُصلّي بي أو أُصلّي به. العامل يصير إماما أحيانا، ما فيه مشكلة.
أحيانا، ولو أبسط إنسان في البلد يُصلّي إماما حتى ولو فيه رئيس دولة، ما فيه
مشكلة. هذا هو الإسلام، ما له علاقة بالمنزلة وبالمكانة. يبقى في الإسلام كلّنا
سواء... ]
رابط التصريح: http://www.ettounsiyatv.com/39019/567/2/intervention-telephonique-de-cheikh-nabil-al-aouadi.html
رأينا في حادثة مشابهة على النطاق المحلّي:
بعد 14 جانفي 2011 كثيرا ما تقدّم لإمامة المصلّين المحاضرُ الضيفُ، وفي حضرة
الإمام الراتب للمسجد. وقد نبّهنا في أكثر من مناسبة لمُخالفة هذا الفعل للقوانين
الشرعية والوضعية. وبما أنّ الأمر تعبّديّ، سنتناول القضية من زاوية الشرع فقط،
خصوصا وأنّ الكثير أصبحت لهم حساسية من الأحكام الوضعية.
يُطلق على من اعتاد إمامة مُصلّين في مسجد ما "الإمام الراتب"
وقد جاءت تسميته كذلك في بعض كتب الفقه بصاحب المسجد. وسُميّ بالراتب لأنّه دائم وثابت. وفي اللغة رَتَبَ أي
انتصب وثبت ولم يتحرّك. وهذه التسمية جاءت لأوليته في إمامة المُصلين، أولية لم
تكن لأفضلية بل لأحقيّة فهو أي الإمام الراتب في المشهور من المذاهب الأربعة
مُقدّم على الأقرإ والأفقه والأسنّ والأتقى والأشرف ...
والقاعدة عند جمهور الفقهاء في هذا الباب هي [ وساكن البيت وإمام المسجد
أحقّ إلاّ من ذي سلطان ] فساكن البيت مقدّم على الضيف وإن كان الزائرُ مالكَ البيت
نفسه. فالمُستأجر أحقّ بالإمامة من المؤجّر لمعرفة الأول بحال بيته وظروف الصلاة
فيه (كاتّجاه القبلة). وكذلك الشأن للإمام الراتب في اطّلاعه على أحوال مسجده
والمقتدين به. إضافة لذلك ما يتمتّع به الإمام الراتب من قبول لدى رواد ذلك
المسجد، هذا القبول قد لا يتوفّر للإمام الزائر. وقد استدلّ الفقهاء على ذلك بـ
·
حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم: [ من زار قوما فلا يؤمّهم،
ولِْيَؤمّهم رجل منهم. ] رواه الخمسة إلاّ ابن ماجة الذي أضاف: [إلاّ بإذنه] أي
بإذن ساكن البيت أو إمام المسجد.
·
وحديثه صلّى الله عليه وسلّم: [ ولا يؤمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في
سلطانه ] رواه مسلم
وقد رأى من ذهب هذا المذهب من فقهائنا أنّ في تقدّم الضيف للإمامة على إمام
المسجد احتقارا له بين أهله، وكذلك الحال بالنسبة لصاحب البيت فهو فيه كالسلطان في قومه.
وبالربط بالقاعدة الفقهية سابقة الذكر [ وساكن البيت وإمام المسجد أحقّ
إلاّ من ذي سلطان ] يرى أهل الذكر أنّ لصاحبيْ البيت والمسجد الأحقيّة مطلقًا في
إمامة المُصلّين إلاّ أن يكون في البيت أو المسجد حاكم أو من ينوبه. ففي هذه
الحالة تكون أحقيّة الإمامة للسلطان أو نائبه لعموم ولايته على الأمّة وخصوصيّة
ولاية ربّ البيت في أهله والإمام الراتب في قومه.
لطيفة ذكرتها أكثر من مرّة لمن يهمّه الأمر:
في مناسبة ما دخل المسجد وقت صلاة، المرزوقي رئيس الجمهورية، وفي ظرف مشابه وصل
الغنوشي رئيس النهضة، فالأول مُقدّم على الإمام الراتب في إمامة المُصلّين ، بينما
لا أولية للثاني على الإمام الراتب في إمامة المُصلّين رغم أنّ الشيخ يظهر أكثر
معرفة بأحكام الصلاة وعلوم الدين من الرئيس.
وأكثر من ذلك كلّه، فإنّ فقهاء المالكية يرون في تأخّر الإمام الراتب عن
موعده:
* إن كان قريبا، يُرسل إليه أحدهم ليحضر أو يأذن لمن يُصلّي عنه.
* وإن كان بعيدا أو يُعرف من حسن أخلاقه أنّه لا يتأذّى اختار المصلّون إماما
بدلا عنه. واستدلّوا على ذلك بوقائع من زمنه صلّى الله عليه وسلّم وعمل صحابته رضي
الله عنهم.
والله أعلم، عثمان الدرويش
30 / 01 /2013
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire