.
هم يريدون –فقط- انتزاع شرعية -9
الربيع العربي في تونس، مجرّد مثال أم استثناء؟
(ب)
كنّا عرضنا في (أ) الوضع السياسي في دول الربيع
العربي:
·
كيف انقلب المشير
السيسي على أول رئيس مدني لمصر، محمد مرسي، لتعود المؤسسة العسكرية لحكم مصر بأكثر
بطش وقوة.
·
وكيف انقلبت
قبائل يمنية على الرئيس عبد ربه منصور هادي المُنتخَب توافقيّا، وعادت هذه القبائل
(سُنّة القاعدة وشيعة الحوثيين وانفصاليو الحراك الجنوبي) للتحكّم في مفاصل الدولة بعد أن صارت أكثر قوة
وتسلّحا.
·
وكيف انقلب
فرقاء السياسة في ليبيا على بعضهم البعض بهجومات ديمقراطية حينا ومسلّحة في أغلب
الأحيان. فعادت لجان شعبية القذافي للتحكّم في البلاد والعباد، بعد أن فرّخت
وتكاثرت وتسلّحت. وصارت كلّ لجنة بمثابة الذراع العسكري المنفذ لأجندة هذه الجهة
أو تلك.
·
وكيف تحوّلت
سوريا المنغلقة على نفسها وذات النظام المخابراتي بامتياز إلى مسرح لصنع المؤامرات
بأفكار أجنبية وأياد غير وطنية.
ونُواصل وصف المشهد الثوري لنرى ما هي نقاط
الالتقاء والاختلاف بين دول الربيع العربي وتونس:
اندلعت شرارة الثورة من مدينة سيدي بوزيد في 17
ديسمبر/كانون الأول 2010 واستمرت حتى 14 جانفي/كانون الثاني يوم رحيل ابن علي أو
ترحيله خارج البلاد. طيلة هذه الفترة، لم يتصدّ للمتظاهرين التجمّع الدستوري
الديمقراطي (الحزب الحاكم وقتها). عدا بعض الاستفزازات والمناوشات التي أحدثها بعض
التجمعيين بمبادرات شخصية، حسب اعتقادنا. وقد كنّا عرضنا لهذه النقطة بالتفصيل ضمن
سلسلة مقالات كانت تحت عنوان: مقاربة ذاتية للمشهد الثوري
الحديث بتونس. لم يتصدّ التجمّع كحزب حاكم للمتظاهرين مثلما فعل بلطجية
مبارك وبلاطجة صالح ولجان شعبية القذافي وشبّيحة الأسد.
إنّ من تصدّى للشباب الثائر في تونس كان بوليس
ابن علي، الذي كان يُمثّل السلطة الفعلية والوحيدة التي تحكم البلاد. سقط ابن علي
وتوارى بوليسه عن الأنظار، بل ذاب كالملح في الطعام. ثمّ وبعد أيام قلائل، خرجت
فرق الشرطة بأنواعها في كامل أنحاء الجمهورية في مسيرات سلمية تطلب الصفح من الشعب،
منادية: [ يا مواطن راني
خوك، ابن علي هو عدوك ]. قبِل الشعب اعتذار البوليس وذاب الجليد بين
الطرفيْن، فعادت الشرطة إلى عملها متحسّسة طريقها بخطى مُتعثّرة، محاولة التملّص
من عباءة الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي كادت أن تبتلعها ابتلاعا. فنفّذت
وقفات احتجاجية عديدة وأنشأت نقابات مهنية متعدّدة.
ولكن فشل حكومة الترويكا في تسيير دواليب
الدولة، وتعمّق الخلافات بين الأحزاب السياسية –الحاكمة والمعارضة- وانتشار الفوضى
في البلاد وتفاقمها ببروز عصابات مُسلّحة اغتالت ناشطيْن سياسيْن: (شكري بلعيد،
06/02/2013 ومحمد البراهمي 25/07/2013). كلّ هذه العوامل جعلت قوات الأمن هي التي
تدفع ضريبة الفشل السياسي والفوضى الاجتماعية. حيث تكرّر الاعتداء على مقرّاتها
وآلياتها، وقُتل وجُرح العشرات من رجالها.
بعد سقوط حكومة الترويكا، بدا واضحا التناسب
العكسي بين النشاط الإرهابي الغادر والتناحر السياسي الحزبي من جهة واسترداد
البوليس لعنجهيته القديمة من جهة أخرى.
فهل
تكون مظلومية البوليس العامل المُحدّد لنوعية السلطة القادمة لتونس بعد انتخابات
أكتوبر 2014؟ يتبع...
والسلام، عثمان الدرويش
17 / 10 / 2014
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire