تقنية الاتّصالات: تكنولوجية ضرورية أم للضرورة؟
مُكبِّر الصوت في الصلاة الجامعة نموذجا
أُسس قاعدة الانطلاق:
1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: {التبليغ خلف الإمام
لغير حاجة هو بدعة غير مُستحبّة باتفاق الأئمة، وإنّما يجهر بالتكبير الإمام كما
كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يفعلون، ولم يكن أحد يبلغ خلف النبي صلى
الله عليه وسلم لكن لمّا مرض النبي صلى الله عليه وسلم وضعف صوته، كان أبو بكر –
رضي الله عنه – يسمّع بالتكبير.} أ.هـ [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/403]
2- ذكر
علماء المالكية أنّ وجوه الاقتداء أربعة: رؤية أفعال الإمام، فإن تعذرت فسماع
أقواله، فإن تعذرت فرؤية أفعال المأمومين فإن تعذرت فسماع أقوالهم / وهذا الرابع
هو التبليغ وهو آخر وجوه الاقتداء.
3-
إنّ الوظيفة الأساسية للتكنولوجيا هي إسعاد البشر، وذلك بمساعدة الإنسان
على القيام بالمجهود الأدنى. وأمثلة ذلك: الكمّاشة/الجرّارة/ أجهزة التحكم عن بعد
في الآلات العصرية...الخ الخ.
واقع أغلب مساجدنا
اليوم:
- إلغاء دور
المُسمِّع بالكامل اقتداء بسنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم والسلف الصالح
من بعده.
- اعتماد كلّيّ
على وسائل الاتّصال الحديثة "المذياع الداخلي".
- حصول أعطال
فنيّة تُربك المُصلِّي –إماما ومأموما- وتُفقده الخشوع.
تحليل الوضعية:
- التبليغ لضرورة
وراء الإمام، بسبب عدم وصول صوته للمصلّين لضعف أو مرض أو غيرهما لم يقع
إنكاره من طرف علماء الأمّة. بل هو سنّة وردت في الأحاديث النبويّة الشريفة.
- عند حصول ضرورة
للتسميع وراء الإمام، لم يقع التوسّل في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم
والسلف الصالح من بعده بعامل خارجيّ عن إطار الصلاة. فلم يكن هناك مثلا،
استنجاد بإشارة ضوئية أو سمعية أجنبيّة. ولتوضيح المسألة وفي باب الصلاة
بالذات هذا مثال محسوس: فللتغلّب على شدّة الحرّ مثلا، لم يكن الرسول صلّى
الله عليه وسلّم يستعين بِمُعدّات اصطناعيّة خارجيّة لتبريد المُصلّين أو
المسجد، بل كان يقول: أرحنا بها يا بلال. وكذلك قوله
عليه الصلاة والسلام عن أبي هريرة: [إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصلاة] وفي
رواية عن البخاري [عن الصلاة]. وكذلك الأمر في الجمع والقصر عند شدّة البرودة
والمطر.
الاستنتاج:
التبليغ لحاجة جائز، بل هو مطلوب. ولكن دون إدخال
عوامل أجنبيّة عن الصلاة. وقد رأينا اليوم –وليست هذه المرّة الأولى- عدم صحّة
مقولة: [أنّ التكنولوجيا (في المُطلق) هي أمينة،
شديدة الوفاء لسيّدها.] وحجّتنا ما وقع فيه المصلّون من إرباك وفقدان خشوع. وقد
عرضنا منذ حين أن رابع وجوه الاقتداء وآخرها هو التبليغ. والمُسمِّع الحاضر الحيّ
أفضل من المُضخّم الأجنبيّ الاصناعيّ. شأنه في ذلك شأن الأذان الحيّ المباشر
والأذان التقنيّ المُسجّل.
فيجب
أن نجعل استعمال التقنيات الصوتية ضرورة، أي بدلا وليست أصلا. ولا يُنتقل إلى
البدل إلاّ عند تعذّر الأصل. حذار، فقد نصل يوما يطلب فيه مُصلّ الترفيع (على
رأي الخزوري صاحب التلوّث الصوتي) في درجة الديسيبال للمذياع الداخلي بالمسجد حتّى
يتمكّن الفرد من الصلاة جماعة وهو في مصنعه أو منزله دون الحاجة للتحوّل إلى
الجامع.
والله
أعلم، عثمان الدرويش
30 / 08 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها
.
.
*ملاحظة
1 و 2 : من مصدر مجلة البحوث الإسلامية
-العدد30 وهذا رابطه: http://www.google.tn/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=2&cad=rja&ved=0CCoQFjAB&url=http%3A%2F%2Fwww.saaid.net%2Fbook%2F9%2F2354.doc&ei=3WE_UIHCH4nVsga1toBQ&usg=AFQjCNEARIhpKpfYq0m0lg5sIo3Zy26svg&sig2=TPnRQ112-3Z48ECwqOLCOw
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire