.
مقاربة اجتهادية في مناسك الحجّ
في إحياء سنّة الخليل إبراهيم عليه السلامجاء في صحيحيْ البخاري ومسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول [بُني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان]
فما أفهمه من الحديث والله أعلم أنّ الأركان الخمسة هذه، هي مُقوّم أساسي للإسلام ولكنّها غير كافية لوحدها. كأن تقول –ولله المثل الأعلى- بُني هذا المسجد على خمسة أعمدة. فالأعمدة ركائز أساسية لهذه البناية، فبدونها لا وجود لمسجد، ولكنّ هذه الأعمدة لوحدها لا تُشكّل المسجد.
ومن هنا أستنتج أنّ الإسلام لا ينحصر في الدعائم الخمس المذكورة في الحديث الشريف، بل يمتدّ ليشمل ما وقر في القلب وصدقه العمل حسب تعريف الرسول صلّى الله عليه وسلّم للإيمان.
والمتأمّل في مناسك الحجّ كما وردت في السنّة المحمدية الشريفة جاءت في معظمها إحياء لسنّة إبراهيم عليه السلام. فهل من مغزى خفيّ لذلك؟
1- يطوف الحاجّ بالبيت العتيق الذي رفع قواعده إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام.
2- يُصلِّي بعدها الحاج ركعتيْن خلف مقام سيّدنا إبراهيم
3- يسعى الحاجّ سبع مرّات بين الصفا والمروة. وهو السعي الذي قامت به أمّنا هاجر –زوجة سيّدنا إبراهيم- للبحث عن ماء لرضيعها
** فائدة: السعي بين الصفا والمروة هو اقتداء بعمل أمّنا هاجر. وتكريما من الله للمرأة، فقد أُسقط على الحاجّة (الأنثى) الرمل (أي ليس عليها إسراع في السير) وعلى رأي الفقهاء فإنّ السيدة هاجر بهرولتها بين العَلميْن الأخضريْن قد أجزأت بفعلها عن كلّ الحاجّات من بعدها.
4- يتوجّه الحاجّ لبئر زمزم –التي تفجّرت تحت قدميْ الرضيع إسماعيل- والشرب من مائها
5- رمي الجمرات (أو كما يسمّيه البعض رجم الشيطان) اقتداء بإبراهيم عليه السلام عندما اصطحب ابنه للذبح واعترض الشيطان طريقه ليُثنيه عن عزمه في ثلاث مناسبات العقبة والأولى والوسطى
6- يقوم الحاجّ بذبح هديه يوم النحر إحياء لفداء الله لسيّدنا إسماعيل بذبح عظيم
وبالعودة للسؤال أعلاه، هل هناك مغزى آخر في إحياء سنّة سيّدنا إبراهيم في أغلب مناسك الحجّ؟
أرى والله أعلم، أنّ من بين هذه الغايات هو ردّ المسلمين
جميل سيّدنا إبراهيم وشكره على إحسانه لأمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
* فنبيّنا محمّد يرتفع نسبه إلى الخليل إبراهيم
* ورسالة نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلّم هي تمام دعوة إبراهيم:[ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ]128-البقرة
* ونعمة الإسلام التي ننعم بها هي كذلك تمام دعوة إبراهيم عليه السلام: [رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ]127-البقرة
* فنبيّنا محمّد يرتفع نسبه إلى الخليل إبراهيم
* ورسالة نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلّم هي تمام دعوة إبراهيم:[ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ]128-البقرة
* ونعمة الإسلام التي ننعم بها هي كذلك تمام دعوة إبراهيم عليه السلام: [رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ]127-البقرة
** فائدة: وما الصلاة الإبراهيمية دُبر كلّ صلاة إلا شكرا للخليل إبراهيم على إحسانه إلينا: {اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد}
الاستنتاج:
فالإسلام بُنيَ على خَمس، ولا يُساوي الخَمس. الإسلام
بناء أخلاقي، ومنهج حياة. الإسلام كما قدّمه أحد مهاجري الحبشة للنجاشي: [يدعو
لصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء.]
فعلى الحاجّ أن يُدرك غايات الحجّ والتي من بينها الاعتراف بالجميل للآخر. فقد روى
البخاري وغيره عن أبي هريرة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: {لا يشكرُ
اللهَ من لا يشكرُ الناسَ} والحديث صحّحه الألباني. وقال الله تعالى [أَنُ اشْكُرْ
لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ]13-لقمان
وختاما، فما كنتُ فيه على صواب فمن الله وما أخطأت فيه فمن نفسي ومن الشيطان.
وختاما، فما كنتُ فيه على صواب فمن الله وما أخطأت فيه فمن نفسي ومن الشيطان.
والسلام، عثمان الدرويش
04 / 11 / 2011
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire