مقاربة
ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/16
بارقة أمل في غبار المعركة
ما
زلنا في الأسبوع الأول من شهر جانفي، وقبل تعطّل الدروس وخطاب ابن علي الثاني. لقد
قلنا فـ15ـي لقد أصبح الكلّ مكشوفا. صحيح أنّ الانتفاضة الدائرة -وإلى حدّ الآن- قد حقّقت نتائج إيجابية على
الأرض. وأهمّها الهزيمة المعنوية لنظام ابن علي، التي جعلته يقدّم التنازلات
العديدة. لكن مع ذلك، كان هدفنا الأكبر نحن البعيدين على ساحة المعركة –أو هكذا
كنت أعتقد- هو إرباك الحاكم وتخفيف الضغط على الثوار في المناطق المشتعلة، وذلك
بمناوشته لتوسيع رقعة الزيت.
فكثيرا
ما كنت أُسأل في هذه الفترة وحتى يوم 14 جانفي عمّا ستؤول إليه الأحداث. فأجيب:
الرجل ما زال قويّا / بيده الكثير من
الأوراق والتي لم يستعملها لحدّ الآن:
·
ففي خانة الجزرة، كنت أتوقّع منه تطعيم الحكومة برجال
شرفاء، أو حلّ مجلس النواب لإعادة الانتخابات وإقحام المعارضة فيه، بل كنت أتوقّع حتى
أن يُعلن طلاقه من الطرابلسية.
·
وفي خانة العصا، ابن علي –على الأقل في المناطق الباردة
نسبيا- لم يستعمل كلّ قوّته ضدّ المحتجّين مقارنة بأحداث سابقة حسب متابعاتي.
وخاصّة إذا ما أوكل للجيش مهمة استرجاع هيبته الشخصية. وكان في ذهني التصرّف
المعتاد للجيش في هكذا حالة. [وسنعود للحديث عن الجيش بحول الله في مواضع أخرى] لكنّ
الله سبحانه وتعالى يسّر للشعب المضطهد في حينها أسبابا أخرى.
وعَرف
هذا الأسبوع قبسات أمل:
·
كانت الأولى عبر كلمة استثنائية خارج سلسلات الفيديو
التي عوّدنا عليها المنصف المرزوقي المناضل سابقا من أجل الجمهورية. وكنت دوّنت
تلك الكلمة يومها على ورق لأقرأها على غيري. قال المرزوقي يومها مُتحدّثا عن ابن
علي: [يجب أن يذهب هذا الرجل هو وزجته معه ويأخذ معه أصهاره ويذهبوا إلى حيث سرقوا
فلوسنا وليتمتّعوا بها ولن نُطالبهم بشيء. ثمّ يجب أن يخرج علينا حقيقة من داخل
هذا النظام شخص أو أشخاص يستطيعون الحوار الحقيقي الجديّ مع مُمثلي هذا الشعب. وآن
ذاك نبني مرحلة انتقالية ثمّ تنظيم انتخابات حقيقية.] انتهى كلام المرزوقي. وكان
هذا في الأسبوع الأوّل من شهر جانفي. غير أنّ المرزوقي صعّد من خطابه يوم 13 جانفي حيث قال: [كنتُ من قبل قد طرحت على
الرجل الرّحيل ولكن الآن، وبعد سقوط ضحايا فلا بدّ من مُحاكمته].
·
أمّا الثانية فقد أومضت من بطحاء محمد علي، بعد مكتب
تنفيذي لاتّحاد الشغل يوم 8 جانفي 2011. يومها أطلّ علينا عبيد البريكي صاحب لن
الزمخشرية (الصورة المصاحبة) بخطاب حماسيّ سيُسجّله له التاريخ –أي قبل 6 أيام من
رحيل ابن علي-. هذه الإطلالة ذكّرتنا بخروج أمين عام الـ"cisl"ـ الإيطاليّ الجنسية على ما نعتقد، من نفس الشرفة يوم الثلاثاء 24 جانفي 1978 ليُساند
المرحوم الحبيب عاشور الأمين العام لاتّحاد الشغل وقتها وليشُدّ من أزرنا في
مواجهة ديكتاتورية بورقيبة –أي قبل يوميْن من الخميس الأسود.
·
والثالثة كانت فيديو لمجموعة من الشباب أعتقد أنّه قادم
من المناطق الحارّة: مجموعة من الشباب يُنزلون صورة ضخمة لابن علي من واجهة إحدى
البنايات، ثمّ يحرقونها في جوّ احتفالي /الشريط المصاحب:
لقد
بدأت الإشارات المُشفّرة الدالة على نهاية ابن علي تتوالى، وإن لم نكن قادرين
وقتها على فكّ رموزها.
يتبع
بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة
09 / 01 / 2012
مسؤولية
وحقوق هذه المادة لصاحبها
.