مقاربة
ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/15/ غياب الحراك المنهجي
تذكير
بالمقدّمة:
هذه المقاربة هي وجهة نظر اعتمدت المعاينة الميدانية للفعل الثوري وبالتالي فهي لا تخلو من انطباعات ذاتية، ومواقف شخصية. غير أنّها ارتكزت على ميثاق شرف، هو إشهاد الله على صدق أحداثها.
هي لا تستجيب لشروط الدراسة العلمية ولا ترقى إلى درجة الوثيقة التاريخية وإنّما هي ومضات تكشف جوانب من المشهد الثوري بإنطاق الزوايا الصامتة فيه.
هي مساهمة سردية – معطياتها متناسقة أحيانا، متنافرة أحيانا أخرى- لضخّ رأس مال رمزيّ يُساعد على ترميم الذاكرة الجماعية من جهة، ويُخلّصها من هيمنة طرفيْن أساسيْن [أحدهما بسيط(ديني)، والثاني مركّب(عَلماني-عَولمي)] متصارعيْن لبناء ذاكرة مُسلّحة بإسمنت الإيديولوجيا. والله وليّ التوفيق
---------------------------------------------
مازلنا
بالأسبوع الأول من شهر جانفي 2011
الاحتجاجات تتصاعد في المناطق الداخلية، وخصوصا في تالة والقصرين: * اصطدامات عنيفة
بين البوليس والشباب المتمرّد، الراغب بعضهم في التحوّل إلى ليبيا حيث الإغراءات
القذافية. * دعم واضح قوي للانتفاضة من طرف المحامين انطلاقا من القصرين، ثمّ في
العاصمة. * الفوضى بدأت تعمّ المعاهد والجامعات. فهذا الشريط العادي جدّا هذه
الأيام -مثلا، كان يُتداول على صفحات الفايس بوك باعتباره تحدّ صارخ للحاكم: http://www.youtube.com/watch?v=Ep7r3zBtw8E&context=C3e09eaaADOEgsToPDskL_aQNEpQuiM3WhrA3mKIty * الإعلام الرسمي يعترف بسقوط 21 قتيلا، نافيا بذلك الأعداد
المرتفعة للضحايا المعلن عنها في وسائل إعلام أجنبية.
ومع
ذلك، فقد كانت الحياة شبه طبيعية في العاصمة والجهات الباردة، أي البعيدة جغرافيا
عن مناطق الوسط المنتفضة وذات الحرارة المرتفعة. ففي بنزرت، وبعد مرور ثلاثة
أسابيع لم يتغير الوضع كثيرا على الأرض: احتجاجات محدودة في المكان والزمان ببعض
المعاهد لبعض الوقت، ووقفات مساندة بمدخل الاتّحاد الجهوي للشغل أو داخله –حسب
يقظة البوليس-. أعداد المتظاهرين خلال كلّ هذه المدّة كان غالبا في حدود المائة
شخص –قد تزيد أو تنقص بعض الشيء- لم توضع خطّة تحرّك ولم تُرفع لافتات ولا مطالب
مدروسة (الصورة المصاحبة:وإن كانت في نفس الإطار العام، فهي صورة شهر جانفي 2009
لمساندة غزّة).
الجميع
–حسب النقاشات الدائرة بين المتظاهرين- يعتقد أنّ ابن علي يُناور ربحا للوقت، حتى
وإن أظهر بوليسه نوعا من اللين. وما دامت المحاسبة آتية لا شكّ فيها، فلا سبيل
إلاّ إرباك الحاكم بتوسيع رقعة المعركة وتخفيف الضغط على منتفضي المناطق الساخنة.
بعد ارتفاع وتيرة مقاطع الفيديو التي كانت تنشرها وسائل الإعلام الأجنبية وفي مقدّمتها قناة الجزيرة بدون منازع، أصبح الكلّ مكشوفا حاكما ومحكوما. لذلك صرتُ لا أغادر المنزل، ثمّ البلدة إلاّ بعد عمليات تمويه متنوّعة: كتغيير الطريق أو موعد خروجي لبنزرت. ولمزيد الاحتياط أصبحتُ أتسلّح في كلّ مرّة ببعض المال لوقت الحاجة، وببعض الوثائق لتبرير أسباب توجّهي للمدينة، إن لزم الأمر.
بعد ارتفاع وتيرة مقاطع الفيديو التي كانت تنشرها وسائل الإعلام الأجنبية وفي مقدّمتها قناة الجزيرة بدون منازع، أصبح الكلّ مكشوفا حاكما ومحكوما. لذلك صرتُ لا أغادر المنزل، ثمّ البلدة إلاّ بعد عمليات تمويه متنوّعة: كتغيير الطريق أو موعد خروجي لبنزرت. ولمزيد الاحتياط أصبحتُ أتسلّح في كلّ مرّة ببعض المال لوقت الحاجة، وببعض الوثائق لتبرير أسباب توجّهي للمدينة، إن لزم الأمر.
يتبع
بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة
08 / 01 / 2012
مسؤولية
وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire