مقاربة
ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/13/ في حضرة فلسطين
اليوم
5 جانفي 2012 وبحضرة فلسطين ممثّلة بيننا في شخص المجاهد الثائر إسماعيل هنية. إنّ خجلنا من أنفسنا يمنعنا اليوم من
الاسترسال في الحديث عن الثورة التونسية، كيف يُمكن أن نُعدّد خسائرنا مقارنة بما
قدّمته فلسطين من تضحيات. فأقلّ واجب علينا القيام به، إذا حضرت فلسطين بيننا هو
الصمت. فالفعل هو الفعل الفلسطيني وحده، وما عداه هراء.
كيف
يمكن لنا (اليوم 5 جانفي) الإطناب في الحديث عن وفاة محمد البوعزيزي –رحمه الله-
وننسى استشهاد 5 فلسطنيين من عائلة
واحدة وفي نفس (اليوم 5 جانفي) بقصف صهيوني على منزل في غزّة الصامدة. فنحن وإن
كنّا بصدد الذكرى الأولى للثورة التونسية، لا يُمكن أن ننسى الذكرى الثالثة
للعدوان الصهيوني على غزّة المجاهدة في مثل هذه الأيام من 2009. حيث سقط آلاف
الضحايا بين قتيل وجريح. هل يُمكن أن ننسى وائل الطفل الذي فقد عينيه الاثنتيْن(الصورة
المصاحبة)؟ هل يُمكن أن ننسى جميلة التي فقدت رجليْها الاثنتيْن؟ هل يُمكن أن ننسى
ذلك الصبي/الفيديو المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=wA-u8IqBMNk الطامع في حياة طبيعية كغيره من الأطفال.
في
هذه الفترة من تلك السنة 2009، ساند الاتّحاد الجهوي للشغل ببنزرت –كعادته- فلسطين
بفعاليات تظاهرية. جابت المسيرة يومها الشوارع الرئيسية كالعادة مُحترَمة، محفوفة
برجال البوليس، مسبوقة كالعادة، بمسيرة تجمعيّة حتى لا ينفرد النقابيون –لوحدهم- بالعروبة
والإسلام والإنسانية. كان يحدث ذلك في كلّ مرّة، رغم أنّ هذه المسيرات لم تكن
تُشكّل خطرا على الحاكم لا في تونس ولا في غيرها من الدول العربية. فكيف يخشاها
الحاكم؟ والمتظاهر يُطالب: في تونس، بفتح الحدود مع غزّة/ وفي سوريا بقطع العلاقات
مع العدو الصهيوني/ وفي مصر بوقف تصدير النفط الخليجي. أي أنا وحاكمي على صواب،
والخلل في الآخر. لهذا السبب ولأسباب أخرى كانت المسيرات المساندة لفلسطين تنطلق
من الاتّحاد تدور في مسار معيّن -يتقلّص تدرجيا في كلّ مرّة عن سابقاتها- ثمّ تعود
من جديد إلى المقرّ فرحة مسرورة.
------------------------------------------------
وفي
تلك الفترة، أصدر الشيخ يوسف القرضاوي بيانا ينصّ على أن تكون تلك الجمعة يوم غضب
في الوطن العربي والإسلامي. قلت في نفسي ليلة الجمعة: [ليعلم القرضاوي أنّ هناك
شخصا في أقصى الأرض العربية الإسلامية قد لبّى النّداء] وكان هذا جوابي من بعد،
للأصدقاء المتسائلين. خرجت ليلتها بعد منتصف الليل وأنا أحمل قارورة حبر زرقاء
بلون علم الصهاينة. القارورة هي خاصّة بآلة الطباعة، ولكن لم يكن لديّ حلّ آخر
فشراء علبة دهن أزرق في مثل هذا الظرف قد تكون عواقبه وخيمة. توجّهت إلى المدرسة
التي أعمل بها، رسمت النجمة السداسية الزرقاء بمدخل الباب الأوّل. ثمّ تحوّلت إلى
الباب الثاني لنفس الغاية. وأنا مُنحن إلى الأرض إذ بخيال شخص يقترب منّي رويدا
رويدا. ما الحلّ؟ لا شيء. وقف الشخص ورائي ينتظرني. أنهيت الرسم. وقفت، تبادلنا
النظرات. عرفت ملامحه العامة. سألني عمّا أفعله، فأجبته بصراحة. قال لي بالحرف
الواحد وكان مخمورا: [توّا إنجي معاكم غدوة] قلت له: هذا غير ممكن، لأنّ التظاهرة
ستكون داخل المدرسة. ولكن عندي طلب واحد. أنت لم تر شيئا ولم تسمع شيئا. فوعدني
بذلك. وقد ثبت لي بعدها أنّه كان عند وعده.
يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان
الدرويش
نسخة
05 / 01 / 2012
مسؤولية
وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire