.
مقاربة
ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/10/ موقع الاتحاد من الأحداث الجارية
ونحن
لم ندخل بعد سنة 2011، كنّا قد عرضنا فـ9ي لعلاقة البوليس بالمُحتجّين. وأشرنا إلى
العقد الضمني الذي كان واضحا بين الطرفيْن المتصارعيْن. وبالعودة إلى الطرف الثاني
أي الاتّحاد والقاعدة النقابية، قلنا منذ بداية حديثنا: لم تكن هذه الاحتجاجات
والتي تحوّلت فيما بعد إلى انتفاضة ثمّ إلى ثورة، لم تكن لتُفاجئ الرأي العام ولا
المُراقبين لو انطلقت من داخل الاتّحاد. وذلك لعدّة أسباب منها:
* ثورة
26 جانفي 1978 الاتحاد كان الفاعل الرئيس فيها تخطيطا وتنفيذا. وحُمِّل هيكله
-قيادة وقاعدة- الجزء الأوفر من تبعاتها/ الشريط المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=5kWCETzSkZk
وسنعود لهذا الملف بالتحليل مطوّلا في وقته.
* الصراع
داخل الإطارات النقابية كان على أشدّه قُبيل اندلاع شرارة أحداث 17 ديسمبر 2010
بخصوص تنقيح البند 10 من قانونه الداخلي، والمحدّد لفترات الترشّح لمكتبه التنفيذي.
* إضافة
للظروف الاجتماعية المتردّية كارتفاع البطالة وتدهور القدرة الشرائية. فهذه
المؤشرات وغيرها كانت يُمكن أن تكون سبب هذه الانتفاضة أو الثورة.
ولكنّ
ذلك لا يعني أنّ هذه العوامل نفسها لم يكن لها تأثير على مُجريات الأحداث التي نحن
بصددها. فحتى السلبية منها ساهمت في صنع الحدث. وكنّا قد أشرنا إلى بعضها سابقا
كغياب التنسيق بين القاعدة النقابية وقياداتها، وتعدد مواقف الاتحادات الجهوية من
مجريات الأحداث، بل وتناقضاتها أحيانا. ولعلّنا نستدلّ هنا بنقطة واحدة: ليلة رأس
السنة الميلادية 2010/2011، هتف المحتجّون بشعارات مختلفة دون اعتراض من أحد. ولكن
ما إن رفع أحدهم صوته وتبعه آخرون بِــ "عار عار عَــالاتّحاد/ وينو الموقف
يا جراد" حتى استشاط بعض الحاضرين غضبا، وطالبوا بالتوقّف عن هذا النداء.
ممّا جعل مصوّر التظاهرة -ياسين البجاوي- ينقل كاميراه لسطح البناية لتصوير حشود البوليس خارج
المقرّ (الشريط السابق: ليلة الفصل بين سنتيْن).
لكن
في المقابل، ما كانت هذه الاحتجاجات لتنجح، لو لم تفتح هذه المقرّات أحضانها
للمحتجّين. فلم تكن أيّة جهة مستعدّة لخوض هذه المغامرة. وقد تحدّثنا من قبل عن
الزواج غير المُعلن لحزب (ب.د.ب) بالاتّحاد الجهوي للشغل. فطيلة فترة حصار البوليس
للمُحتجّين بمقرّ الاتحاد الجهوي ببنزرت، كانت الجهة الوحيدة المُفاوضة للحاكم هي
الاتحاد مُمثلا في شخص الكاتب العام الجهوي، والذي كان غالبا يصل إلى حلّ وسط تقبله
كلّ الأطراف. غير أنّ هذا الشخص لم يسلم بعد مدّة قصيرة من رحيل ابن علي من لعنة (ديقاج)
وللحديث بقية.
يتبع
بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 30
/ 12 / 2011
مسؤولية
وحقوق هذه المادة لصاحبها
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire