.
التقييم الخارجي
للمُربّين مرفوض في كلّ الأزمنة
2-
زمن ابن علي
كنّا نحن
المعلّمين في العالية –مثل بقية زملائنا- مُتحمّسين لتحسين نتائج تلامذتنا من خلال
دروس تدارك ومراجعة، أيام العمل والعطل، بالمقابل وبالمجّان. وكان ارتقاء تلميذ
السادسة إلى السنة السابعة رهين نجاحه في امتحان وطنيّ لا دخل فيه للنتائج
المتحصّل عليها طيلة السنة.
وتواصل ذلك الإجراء حتى سنة 94 -على ما أعتقد-، حيث صار
المعدل السنوي لتلميذ السادسة يُدمج بنسبة الربع في المعدل النهائي للامتحان
الوطني. واتّخذت وزارة التربية هذا التمشي لسنوات كإجراء انتقاليّ، حتى وصلت
الحالة إلى ما هي عليه اليوم، أي انتقال التلميذ من المدرسة الابتدائية إلى
الإعدادية بالاعتماد فقط على معدّله السنوي في السنة السادسة.
اعتمدتُ وزملائي
خلال امتحانات تلك السنة على مقاييس موضوعية آخذة بالاعتبار المستوى المعتاد
للامتحان الوطني، فجاءت النتائج النهائية دون المستوى التي كانت تحقّقها مدرستنا
لسنوات عديدة. وذلك لاعتماد البعض في جهات أخرى على تضخيم الأعداد طيلة السنة حتى تؤثّر
إيجابيا في المعدل النهائي. وبالتالي انقلبت الموازين، فصعدت مدارس لأول مرّة إلى
قمّة سلم الترتيب الجهوي ونزلت مدارس أخرى –من بينها مدرستنا- إلى أسفل السلّم.
جاء يوم العلم
وتمّت دعوتنا فلبّينا الدعوة. اعتلى الوزير الدائم في عهدي بورقيبة وابن علي
المنصّة (وهو نفسه الذي تحدّثنا عنه في
-1-) ليُلقي كلمة لتكريم النجباء وإذا به سرعان ما حوّل خطابه إلى هجوم على
المعلّمين –نحن معلّمي السادسة- قائلا:
·
ما هذه النتائج؟ بلدة كذا وقرية كذا تتفوّق علينا... لو كانت الدنيا دنيا،
لتمّت محاكمة هؤلاء المعلّمين...
·
قيل لي إنّ بعض المعلّمين اهتمّوا هذه السنة بحوائجهم. أنا أقول لكم انزعوا
حوائجكم، واهتمّوا بأبنائنا...
التفتّ، فإذا
الحضور قد غمرته موجة من الضحك والقهقهة، منهم أميّون ولكنّهم أغنياء. غادرت غاضبا
دار الثقافة حيث حفل التكريم. وبقيتُ أياما أنتقل من شخص لآخر ولم أترك حلقة إلاّ
ذكّرتها بالحادثة مُنهيا حديثي في كلّ مرّة: قولوا لصاحبكم إنّ فلان قرّر عدم
تدريس تلاميذ السادسة مستقبلا، فليأت هو ليُدرّسهم...
وفعلا من يومها،
لم أُدرّس سنة سادسة ولم أحضر يوم علم.
والآن –بعد
عهديْ بورقيبة وابن علي- بدأنا نشتمّ رائحة تدخّل خارجي لتقييم المربّين، تدخّل
نرفضه في كلّ الأزمنة.
يتبع بإذن الله،
عثمان الدرويش
30 / 09 / 2013
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire