كان ذلك قبل أكثر من ثلاثين سنة، عندما استفزّتنا عبارتان في وسائل إعلام عالمية
ولماذا لا نسمع عن أخلاق التعبير؟
ونحن نتابع منذ
فترة هذا الإسهال الإعلامي من تبادل للتهم وفبركة للتصريحات تذكّرنا مثالين اثنين
تابعناهما بدقّة أواخر سنة 1990، قبيل العدوان الثلاثيني على العراق بدعوى تحرير الكويت:
1. المرحوم ياسر عرفات في الأردن يردّ على سؤال صحفي
بالقول: إنّه يرى الحل في جلوس الفرقاء إلى طاولة الحوار
للخروج من الأزمة العراقية-الكويتية، وأنّ لا مانع عنده أن يتمّ ذلك تحت مظلّة
أممية. ولكنّ وسائل الإعلام العالمية غيّرت كلمة "لا مانع" بِـ "لابـدّ" وأصبح
التصريح: [لابدّ أن يتمّ ذلك تحت مظلة أممية]. وبذلك
بدا للعالم أنّ عرفات يدعو لتدويل الأزمة.
وفعلا انتقلت الأزمة إلى الأمم المتحدة التي شرّعت تدمير العراق.
وفعلا انتقلت الأزمة إلى الأمم المتحدة التي شرّعت تدمير العراق.
2. المرحوم صدام حسين، وردّا على التهديد الأمريكي
بشنّ حرب على العراق، قال صدام ما معناه: إن حصل
العدوان، فستسقبل الولايات المتحدة جنودها في نعوش حزينة. تلقفّت وسائل
الإعلام الرسالة وقلبت مفردة "نعوش" بِـ "valises" والتي سرعان ما تحوّلت في وسائل الإعلام إلى "حقائب" حتى يبرز صدام حسين
كسفاح لا يكتفي بالقتل وإنّما سيُمثّل بجثث أعدائه. وهكذا يسهل تأليب العالم بأسره
على صدام والعراق بأكمله.
وهذا ما حصل بالفعل بداية 1991 أثناء عاصفة الصحراء، أو ما سُمي زورا حرب تحرير الكويت.
وهذا ما حصل بالفعل بداية 1991 أثناء عاصفة الصحراء، أو ما سُمي زورا حرب تحرير الكويت.
وقتها، لم نستطع
تصديق أنّ مكر الإعلام يُمكن أن يصل إلى هذه الدرجة من السقوط الأخلاقي، فتقوم
وكالات دولية ونشريات عالمية –رسمية وخاصة- بمثل هذه التحريفات لتشويه الخصم. ولكن
اليوم وما نراه في وسائل إعلامنا العامة والخاصة وعبر صفحات التواصل الاجتماعي -في
تونس بعد 14 جانفي- من تحريف للتصريحات وقلب للحقائق جعلنا نكتشف جواب سؤال طالما
حيّرنا: لماذا نرى
الجميع يُنادي بحرية التعبير، ولا أحد يتحدّث عن أخلاق التعبير؟
والسلام، عثمان
الدرويش
24 / 09 / 2013
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire