.
قبل
قصبة الحكومة غدا (03/08/2013)، هكذا كانت قصبة الشعب جانفي 2011
أو كيف تمّ انتزاع الشرعية من
الشعب
مقتطفات
من " مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس" / جانفي 2012
فعل
الشعب:
... وأول من فكّر في [الشعب يريد إسقاط الحكومة ] هم أهالي
منزل بوزيان. حيث انطلقت عشية 22 جانفي 2011
مجموعة لا تتجاوز عشرين شابا من منزل بوزيان في اتّجاه العاصمة سيرا على الأقدام
(450 كم) ثمّ انضمّ للمجموعة في الطريق شبان آخرون - راكبين ومترّجلين- وكانت:
ملحمة القصبة. الشريط المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=Yg-Hz73sTeE
في
هذه الأيام، قلّ اهتمام الجماهير بملفات الفساد والقنّاصة والتجمّع، وتركّزت
الاحتجاجات في مناطق عديدة من البلاد على رفضها تركيبة الحكومة الجديدة، لوجود بعض
رجالات ابن علي داخلها كالداخلية (فريعة) والخارجية (مرجان) والدفاع (قريرة)
والعدل (القروي الشابي). وشهدت هذه الأيام أقوى معاني الانسجام بين أطياف المجتمع
التونسي. //الشريط المصاحب http://www.youtube.com/watch?v=3e1dBT5fLpY
.... لذلك حاول الطرف المقابل استرضاء الشعب أو
بعض مكوّناته. فقامت الحكومة المُنصّبة بإصدار مذكرة توقيف دولية في حقّ ابن علي
واعتقال بعض رموز حكمه، ووُضع كلّ من القلال وابن ضياء تحت الإقامة الجبرية، وتمّ تخفيف
حظر الجولان، والإعلان عن جراية خاصّة للمعطّلين من أصحاب الشهائد العليا.
أمّا
خارجيا، فقد كانت ثورة تونس هي العامل المؤثِّر شرقا وغربا.... فشرقا، كانت تونس
سببا ومنهجا للثورة المصرية. فيوم 25 يناير/جانفي، انطلقت الثورة المصرية، وصارت
مصر حافزا إضافيا للثورة في تونس، ودافعا جديدا للصمود. أمّا غربا، فقد هنّأ
ساركوزي الشعب التونسي بنجاح ثورته، وانحنى أوباما وكونغرسه احتراما لشجاعة شباب
تونس.
...
بعد التعبئة الشعبية التي شهدتها ساحة القصبة، وأمام رفض المعتصمين للبديل-الحاكم
(أي القادم من خارج رحم الثورة) وإصرارهم على إسقاط حكومة الغنوشي، وجد النظام
الرسمي نفسه مُجبرا على التنازل. فقام بتفعيل لجنة تقصّي الحقائق برئاسة عبد
الفتاح عمر. وتمّ يوم 27 جانفي الإعلان عن إحياء لجنة أخرى يرأسها عياض بن عاشور
للإصلاح السياسي. طبعا كان ذلك، بعد تعديلات في الشكل والمضمون. وتمّ في نفس اليوم
إجراء تحويرات جزئية في حكومة الغنوشي الأولى. حيث سُمّي فرحات الراجحي وزيرا
للداخلية عوض أحمد فريعة، وعبد الكريم الزبيدي وزيرا للعدل بدل رضا قريرة. وشمل
التحوير بعض الحقائب الوزارية الأخرى.
غدر الساسة
.....
وفعلا، وجدت الحكومة الجديدة ولجنة ابن عاشور مُناصرين لهما من بعض المنظمات
والأحزاب، فانسحب الكثير من اعتصام القصبة. وعلى سبيل المثال وحسب (وات)، دعا كلّ
من الاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية للمحامين
المُحتجّين للعودة إلى جهاتهم. ولكنّ هذه الدعوات استقبلها المتبقّون من اعتصام
القصبة بالرفض، كما رفضوا من قبل إغراءات عُرضت عليهم، وتهديدات تعرّضوا لها خلال
فترة الاعتصام.
ومن
الغد 28 جانفي، وبعد أول صلاة جمعة في ساحة عامّة – وأيّة ساحة؟ إنّها ساحة
الحكومة - قام الجيش بإخلاء مواقعه، تاركا المُعتصمين مع قدرهم - وجها لوجه مع فرق
البوليس المختلفة -.//الشريط المصاحب http://www.youtube.com/watch?v=vnxBgcaBGYQ
وما
إن بدأ رشق الشرطة بالحجارة من طرف البعض، حتى انطلق عدد غفير من رجال البوليس في
مطاردة للمحتجّين مستعملين في ذلك الهراوات والغازات المُسيِّلة للدموع. تمّ
خلالها تعنيف بعض الشباب وإلقاء القبض على البعض الآخر.//الشريط المصاحب http://www.youtube.com/watch?v=XpIkpeFxb6A
أمّا
الذين تمكّنوا من الإفلات فقد هاموا على وجوههم في أزقّة ضيّقة وشوارع فسيحة في
مدينة غريبة عنهم. وتحقّقت رغبة النظام ومُناصريه بـ"تنظيف الساحة" من
المحتجّين على قول قائد السبسي خليفة الغنوشي فيما بعد. وضاع حقّ المعتدَى عليهم بين أطراف
"ثورية" مُتخلّية ووزراء جدد كـ(الراجحي في الداخلية والزبيدي في
الدفاع) لم يمض على تعيينهم في الحكومة سوى ساعات قليلة.
بداية التجاذبات السياسية لانتزاع الشرعية من الشعب
....
ثمّ بعد ذلك، تعالت الأصوات من خلال أبواق الإعلام المختلفة، والنداءات عبر بيانات
الأحزاب والمنظّمات مندّدة بالعمل الإجرامي للحكومة. ومن الغد، رُحِّل الموقوفون
إلى مناطقهم الداخلية، بعدما تمّ إطلاق سراحهم جميعا. والتحقت بهم – على دفعات -
نفس الأصوات والنداءات، ولكن هذه المرّة لمُواساتهم وتقديم الاعتذارات وربما بعض
الهدايا.
وبتفكيك
اعتصام القصبة يكون الستار قد أُنزِل على أهم فصل من فصول المشهد الثوري الحديث (17
دسيمبر/14 جانفي). لقد كان فصلا تاريخيا بكلّ المقاييس.
والسلام،
عثمان الدرويش
مسؤولية
وحقوق هذه المادّة لصاحبها
06 / 09 / 2012
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire