Pages

Nombre total de pages vues

dimanche 24 octobre 2021

علينا عدم الاستجابة لتحريضاتهم واستفزازاتهم


  لأنّهم [ ما ياكلوش بعضهم ]، علينا عدم الاستجابة لتحريضاتهم واستفزازاتهم / مثال من الواقع

الإطار العام: المناسبة هي مسيرة احتجاجية ضد الغرب الاستعماري. الزمان هو بُعَيْدَ 2 أوت 1990 تاريخ دخول العراق للكويت لاسترداد حقّه التاريخي. والمكان هو بورصة الشغل بالعاصمة. أمّا المُشاركون في التظاهرة زيادة على الشعب الكريم فهم قياديو أحزاب مُعارضة (حديدية وكرطونية)، منظمات عمّالية وجمعيات حقوقية. وكان كلّ هذا تحت إِمرة التجمّع الحاكم.

الظرف الداخلي العام للحدث: شهدت تونس في الفترة السابقة للتاريخ أعلاه حركية سياسية حزبية وإعلامية غير مسبوقة، حيث عاشت البلاد انتخابات رئاسية وتشريعية ثمّ بلدية في جوّ (من التعدّدية الحزبية وانفتاح غير مسبوق للإعلام الرسمي). كنتُ مُتابعا وفيّا للبرامج الحوارية بين الأحزاب المتعارضة، مدهوشا لجرأة هذا القيادي، معجبا بشجاعة الآخر الكاشف "لأسرار" الطرف المقابل. يعني عاش المواطن التونسي أجواء الاتّجاه المُعاكس قبل عصر الجزيرة الفضائية. وبإيجاز شديد كان الوضع الحزبي-الإعلامي يُشبه بعض الشيء الحالة التي نعيشها حاليا. حتى جاء يوم نصرة العراق في المسألة سابقة الذّكر، وكانت المفاجأة. لقد انكشفت حيلة الإعلام الحرّ وخدعة الأحزاب المتصارعة.  

وصف الحادثة: وصلتُ يومها باكرا إلى الحديقة المجاورة لبورصة الشغل، نقطة انطلاق المسيرة. وبما أنّني كنتُ دون مرافق يُؤنسني فقد انشغلتُ بمراقبة الوضع العام في المكان. وكم كانت صدمتي شديدة وأنا أشاهد سقوط أقنعة رؤساء الأحزاب وقياديي المنظمات. سبحان الله لقد تحوّل تراشق الشتائم والتهم بين الأعداء على شاشة التلفزة إلى تبادل العناق والقبلات، وتجاذب أطراف الحديث في جوّ شديد الوديّة. لقد كان البعض يكاد يسقط على الأرض من شدّة الضحك وهو يستمع إلى نكتة صديقه الحالي، عدوّ الأمس. كنتُ وأنا أتابع المشهد أكاد أنفجر غيظا لاعتقادي أنّ تلك النكات المتبادلة بين الفرقاء لم يكن محورها ابن علي المُستبدّ ونظامه وإنّما سذاجة الشعب واستبلاهه.
وعدتُ بعدها وأنا ألعن السياسة والسياسيين، شاكرا الله على لطفه بعدم انخراطي في واحد من تلك الأحزاب المعارضة.

سبحان الله صورة نُقشتْ في ذاكرتي لأكثر من عشرين سنة. واليوم في زمن الحسابات والمناورات، ولما نراه من تحالفات غريبة بين زعماء وقيادات: الجلاد وضحيته، اليمين واليسار، البراغماتي والأصولي، أختم بما بدأت به: 
لأنّهم << ما ياكلوش بعضهم >> علينا عدم الاستجابة لتحريضاتهم واستفزازاتهم.

والسلام، عثمان الدرويش
24 / 10 / 2011
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها
.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire