مقاربة
ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/6
معادلة:
عصا وجزرة الحاكم ضدّ
جسد وقلم الشعب
بدأ
مشهد الصراع يتشكّل منذ صباح يوم 28 ديسمبر 2010 : حيث قام ابن علي يومها بزيارة
كشّاف الثورة التونسية محمد البوعزيزي بمستشفى الحروق ببن عروس، ثم استقبل عائلة
البوعزيزي في قصر قرطاج، ليُنهِيَ يومه بخطاب هو الأول حول الأحداث الجارية. ورغم
لهجته الصارمة ولغة التهديد بمعاقبة المشاغبين، فقد كان يحمل جزرة التشغيل لِـ(300
ألف عاطل) وزيادة الاعتمادات المخصّصة للجهة ووو... ثمّ قام في اليوم الموالي
بتحويرات وزارية وأخرى في سلك الولاة.
لقد
كنّا نستمع لهذا الخطاب –ثمّ للخطابيْن المواليْن- ونُتابع بعدها تحليلات
المُطبّلين على شاشات التلفزة وأيدينا على قلوبنا. فعلا، فكلّ ما نسمعه هو مُطمئِن،
بل ومُغرٍ. ويزداد خوفنا ونحن نرى بعض صفحات الفايس بوك تزفّ البشرى بما حقّقه
الشعب من مكاسب كتوفير مواطن شغل أو رفع الحجب عن اليوتوب والإطاحة
بِـ"عمار404" ثمّ نبيت على تلك الحالة لنستيقظ بعد سكر الأحلام الوردية
على واقع مغاير.
وبتقدّم
ساعات الصباح شيئا فشيئا نحمد الله على أنّ ما كنّا نشاهده ليلا، في العالم
الافتراضي وعلى قناة 7 الفضائية، لا ينسجم مع مُجريات الأحداث على أرض الواقع. إذ
كانت الحالة ميدانيا تزداد سوءا –لا في كلّ يوم، بل في كلّ ساعة- وعوض أن يكون
القانون هو الفيصل كما جاء في خطاب الرئيس كانت المعالجة البوليسية القمعية سيّدة
الموقف. ويقبل الشعب التحدّي من جديد بجسد عار وصورة مُهرّبة وقلم مهاجر.
فهذه
الأيام القلائل التي سبقت رأس السنة الهجرية عرفت طفرة في تنزيل مواد متنوّعة لِـ(مصادمات
البوليس مع المحتجّين –وخاصّة منهم المحامين-/ أغان الراب/ قصائد شعرية/الشريط
المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=EEWxumb1lPs
/ نداءات تحريض...) ولكن كانت جلّها من مصادر
مجهولة. أمّا بيانات النقابة والرابطة والعمادة كانت غالبا ما تُذيّل بِإمضاء:
نقابي من.../ عن الجمعية/ عن المكتب... طبعا كانت تصدر رسائل بأسماء وصفات أشخاص/ هؤلاء
هم الذين تعوّدوا على التصريح بهوياتهم منذ سنوات وفي كلّ ظرف.
ولعلّ
أهم الأحداث التي طبعت هذه الأيام هي:
*اختطاف البوليس للأستاذيْن العيادي وبلعيد. صحيح كنّا
نعرف بعض تضحيات كلّ من اليميني سمير ديلو واليساري أنور القوصري في الدفاع عن
المساجين السياسيين. أمّا عبد الرؤوف العيادي فلم نكن نعرف عنه شيئا قبل مؤتمره
الصحفي أواخر ديسمبر 2010، ولم نسمع عن شكري بلعيد سوى مساندته لجماعة الحوض
المنجمي وقيادته للاحتجاجات الرافضة للتدخل الأمريكي في العراق. (الصورة المصاحبة)
*توقّف
منصف المرزوقي على بثّ سلسلتيْ فيديواته التعبوية للشعب، فالمرحلة أصبحت تتطلّب
العمل على الأرض لا على الخطابات الفضائية.
*رسائل
نارية تقصفنا عن بُعد، من وراء البحار كـ: الرئيس المُفدّى، عدوّ الشعب/
إيجابية...لولا ابن علي ما اندلعت أحداث سيدي بوزيد/ إلى فخامة الرئيس...المنتهية
ولايته إكلينيكيّا
*ونجد
كذلك رسائل من الداخل أهمّها في اعتقادنا، رسالة الحقوقي عبد القادر الدردوري
[عفوا،هذا ما نراه، يا سيادة الرئيس] الشيخ عبد القادر الدردوري الذي تابعنا على
شاشة الجزيرة في تلك الفترة قضية حجز سلسلته القصصية من طرف البوليس
بعد طبعها. ثمّ بعد أيام فقط انتقل إلى رحمة ربّه.
وتمضي
الأيام الأخيرة من سنة 2010 ثقيلة، ثقيلة. والكلّ يُمنِّي نفسه: اصبر، قريبا تنتهي
السنة، قريبا تنتهي العطلة الدراسية وسترى ما سيفعل التلاميذ وخصوصا الطلبة بِـ
ابن علي وبوليسه!!؟؟
يتبع
بإذن الله....والسلام، عثمان الدرويش
نسخة
22 / 12 / 2011
مسؤولية
وحقوق هذه المادّة لصاحبها
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire