.
مبادئ
الفلاسفة على محكّ الواقع
منذ
أيّام، قمنا بتنزيل المقولة التالية في حالتها الخام:
[ أيسر على المرء أن
يكتب في الفلسفة مجلدات عدة مِن أن يضع مبدأ واحدا في حيز التطبيق. ] ليو تولستوي
لقد كان
هدفنا من نقل الفكرة دون تشريح يومها، تجنيب المتقبّل الاستهلاك المجّاني، بل
ودفعه لوضعها على محكّ التجربة في أكثر من مجال. وهذا ما تمّ فعلا على الأقلّ مع
صديقي.
لقد دارت
في ذهني عدّة أفكار وأنا أقرأ المقولة قبل عملية التنزيل:
·
الرياضة
واهتمامها بماركة أحذية اللاعبين وقمصانهم، مع غياب هدف تنشئة الإنسان في أبعاده
المختلفة.
·
الديمقراطية وأدوات اختيار تمثيل الشعب مصدر السلطات، مع غياب
تحديد مرجعية نهائية ذات قيم إنسانية ثابتة .
·
خلافة
الإنسان في الأرض اعتمادا على ظاهر النصوص بانتقاء قوالب جاهزة يتمّ تطبيقها
بآليات الملك العاض والملك الجبري لا علاقة لها مع مِنهاج النبوّة الصحيح.
·
الخ الخ...
لكنّ تعقيب صديقي والذي أبرز أزمة المفكّر بين جدلية التنظير والتطبيق -حسب
مقولة تولستوي أعلاه- أتاح لنا فرصة مقاربة هذه الفكرة بالواقع المعاش. لذلك ارتأينا
العودة للمسألة بأكثر تفصيل:
لقد تابعتُ مفكّرين تونسيين مثل حال الكثيرين غيري. كنّا نسترشد بهديهم بل
ووصل بنا الأمر لاعتناق بعض مبادئهم. ثمّ كان يوم 14 جانفي 2011 وكانت عودة
فلاسفتنا من منفاهم إلى أرض الوطن. وفي أول اختبار خرجوا فيه من عالمهم الافتراضي، سقطوا سقوطا مدوّيا على أرض الواقع. وهذا مقتطف من مقال سابق بعنوان: سقوط
أقنعة الفلاسفة
[...فـ رفيق عبد السلام
انتقل من الدراسة الاستراتيجية إلى السياسة البراغماتية، وأبو يعرب المرزوقي الذي
كنّا نعيد قراءة مقاله مرّات لنُمسك بعض خيوط أفكاره، أصبحنا لا نقدر الاستماع
إليه لدقائق وهو ينعت خصومه بأسلوب مبتذل وألفاظ لم ترد في قاموس أيّ من المجامع
العربية، ويوسف صدّيق المتجذّر في ثقافته، المنحاز لهويته، حوّل الوحي القرآني إلى
خرافات وأساطير...]
إنّ أسفي وألمي اليوم كبيران. فلو كنّا نعلم أنّ بضاعة هؤلاء ستفقد صلوحية
استهلاكها بكلّ هذه البساطة، ما كنّا خاطرنا يوما باستعمال "البروكسي"
لتحميل مقالاتهم ومن ثَمّ الاحتفاظ بها تحت أسماء مشفّرة وفي ملفّات سرّية.
ولكن لماذا نلوم الفلاسفة -دون غيرهم من المنظّرين- على فشلهم في وضع
مبادئهم حيز التطبيق؟ ثمّ ألا توجد أمثلة عكسية تشهد على نجاح بعضهم في تنفيذ
عقائدهم في بعض المجالات، كمجال الإعلام مثلا؟
والسلام، عثمان الدرويش
29 / 06 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire