Pages

Nombre total de pages vues

mardi 13 juillet 2021

سَمِّ نفسك مُناضلا، مُجاهدا أو ثائرا، ولكن احذر الاقتراب من مداري الحارق



سَمِّ نفسك مُناضلا، مُجاهدا أو ثائرا... ولكن احذر الاقتراب من مداري الحارق


                          كنتُ ولوقت قريب أعتبر المناضل هو ذلك: [ ...الزّاهد في متاع الدنيا وزخرفها فهو وحده الذي يُضحّي بنفسه من أجل غيره. إذ لو كان السجين أو المُعذََّب أو المُشرَّد حريصا يوما ما على حياة، طامعا في منصب، لكان بإمكانه تحقيق مأربه الدنيوي في أيّة لحظة يقبل فيها بالتنازل عن بعض مبادئه. فالمناضل الحقيقي أشبه ما يكون عندي بالوليّ الصالح. وهنا أستحضر قولة طالما سمعتها من أمّي - رحمها الله – كانت تقول إذا تطرّق الحديث بحضورها إلى أولياء الله ، ربما خوفا من أذاهم: " الشأن لله، تراب ساقيهم فوق رأسي." وأنا أُعيد قول والدتي في حضرة (من سُجن ومن عُذّب ومن شُرّد) فقط إجلالا لنضالاتهم:" الشأن لله، تراب ساقيكم فوق رأسي. فمن استُشهد ومن سُجن ومن عُذّب ومن شُرّد من أجل دينه أو عرضه أو ماله نحسبه عند الله في درجة أولياء الله... ولكنّ هذه الشهادة لا تُمكّنه من اعتلاء سدّة الحكم آليّا.] / من مقال لي بتاريخ 14/06/2011 هذا رابطه:   http://penseesopinions.blogspot.com/2012/04/blog-post_9037.html

                     واليوم 31/07/2012 أقول لهؤلاء المناضلين – سواء كانوا إخوانا أو رفقاء، في اليمين الأصولي أو الليبرالي، في اليسار القومي أو الشيوعي- أقول لهم:  لقد أعطيتكم - غير نادم- في العشرين شهرا الماضية ماديّا ومعنويّا كلّ ما تستحقّونه من مناصب واحترام وما لم تتخيّلوه حتى في أحلامكم. ولم يعد لديّ المزيد لأقدّمه لكم.

                         أمّا أولئك المستميتون في المطالبة بأسهُمهم من غنائم الثورة فإنّي أقول لهم: مقاومة هذا الشعب للظلم والاستبداد قائمة من قبلكم وستظلّ من بعدكم. وما نضالكم إلاّ  بعض فصول هذا المشهد الثوري الحديث. فلو توفّر جهاز لقيس درجة النضال لوجدنا أنّ العديد من عامّة هذا الشعب أكثر نضالا ووطنيّة من الكثير من أولئك الذين يُطالبون اليوم بالتعويض.  فإذا قلتم: إنّ هذا الجهاز موجود، وهو مبرمج حسب معايير ملموسة، أهمّها رصيد المواطن من أيام سجن أو تهجير. أجيبكم: طيلة سنة ونصف السنة، كان حديثي في هذا الموضوع وما شابهه تلميحا. ولازلت أعتقد أنّ الكلام الإنشائيّ لا يزال مُمكنا، ولا داعي للتصريح في هذا المجال، على الأقل إلى هذه الساعة. فحذار أن تقترب من مداري الحارق، وانتظر حتى ينكشف الغبار ليرى كلّ واحد إن كان تحته فرس أم حمار.

                        وهذا الغبار لن ينقشع إلاّ بأحكام قضائية: صحيح أنّ من أهمّ مكاسب الثورة التونسية هو صدور العفو العام. ولكنّ هذا القانون في العالم كلّه، يُعيد للسجين السياسي حقوقه المدنيّة، ولا يمنحه امتيازات استثنائية. وإذا كان هذا السجين السياسي يعتقد أنّ التعويض الماليّ هو حقّ من حقوقه، وليس منّة من أحد، فالجهة المُخوّلة للنظر في المسألة هي المحاكم القضائية وليست أحزابا في سلطة تنفيذية أو أشخاصا في مجلس تأسيسيّ. فعلى المحاكم ذات الاختصاص أن تُُعيد النظر في القضايا التي سُجن من أجلها كلّ من طالب بالتعويض، وساعتها فقط سأقبل ما ستُصدره عدالتكم الانتقالية وحَوْكمتكم الراشدة من أحكام في كلّ قضية على حدة.

والسلام، عثمان الدرويش
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها
31 / 07 / 2012 

.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire