.
رأي في الجهاد -2/4
المسؤولية الجماعية
كان موقفنا –ولا يزال- أنّ الحرب كالطاعون، قياسا على حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم:
" إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا "
كنّا عرضنا مقتطفات موجزة جدّا حول التأصيل الشرعي للجهاد،
مُقوّماته وشروطه.
كما وصفنا مُتابعاتنا الذاتيّة السابقة لخطب منبريّة
مسجديّة ومُلتقيات دعوية خارجيّة تشحن الشباب المُلتزم بأخلاقيات فريضة الجهاد في
سبيل الله. ثمّ بيّنّا موقفنا منها في الجزء الأوّل.
اليوم، وبعد تنزيل عديد صفحات الفايس بوك فيديوهات حول عمليّة قتالية في سوريا هذا الأسبوع قضى خلالها أحد المغرّر بهم، انتشر فزع كبير في البلدة وسط جوّ شديد التأثير لتبادل التعزية والمواساة. اختلطت فيه مشاعر الحزن على الماضي مع هواجس الخوف من المستقبل. تضاربت التعليقات. اشتدّت
الاتّهامات والاتّهامات المُضادّة. استفاق الجميع هذه اللحظة من غيبوبتهم.
لذلك
رأينا التوقّف عند المسألة من جديد:
·
سلطة الأبويْن تهرّأت في زحمة تجاذبات الحريات الفرديّة
شديدة التنوّع، ووسط متاهات حقوق الإنسان والمُسنّ، العامل والعاطل، المرأة
والطفل.
·
سلطة الإعلام المُنصِّبة نفسها علينا قصرا ترفع شعار
<تلفزيون الواقع>، غير أنّ واقعها هو كلّ ما يخدش الحياء، وينشر الرذيلة
ويُشيع الفاحشة ويُبرّر المعصية. أمّا مسائل الدعوة الصالحة والتربية الأسريّة السليمة وقضايا
التفقيه الديني والتثقيف الاجتماعي فهي (حسب رأيها) من عالم اللاّ-واقع، الخارج عن مدار
اختصاصها.
·
سلطة النُخبة المُنتخَبة في مجالس تشريعيّة ومُنظّمات
غير رسميّة تعتبر نفسها غير مسؤولة عن شريحة من شباب مُلتزم لا يُقرّ بشرعيتها ولا
يُؤمن أصلا بمصادر تشريعاتها.
·
سلطة الحاكم لم تنجح في فهم منظومة "عشق شريحة من
الشباب للموت". لم تستوعب مشروعه السماوي في المُطلق، حتّى تتمكّن بعدها من إزاحة
جوانب ضبابية وقع فيها هؤلاء الشباب لسوء تقدير وقلّة اطّلاع. لم
تُحاول التفاعل الإيجابيّ معهم فتُوضّح لهم ولغيرهم مثلا: عدالة هذه المعركة
الدائرة أو ملابسات ذلك النزاع الطائفي أو العرقي.
وبما أنّ السلطة الحاكمة، في قضية الحال:
·
فشلت في إقناع هؤلاء بسوء فهمهم لِـ"مشروع الجهاد في سبيل الله"
·
واعتمدت أولويّاتها على الاتّفاقيات الدوليّة والمواثيق
العالمية
·
وتعاملت مع الشباب الملتزم بالأدلّة السرّيّة لقانون
الإرهاب
فإنّ الأزمة ستزداد خطورة والظاهرة ستتفاقم سوءا والحكومة سيتصاعد عجزها
أكثر.
** تساؤل أخير: شاب يُغادر وسط مجموعة كبيرة في وضح
النهار إلى سوريا، فيجد حزاما ناسفا في انتظاره ويتمّ ترشيحه للقيام بعملية
تفجيرية دقيقة. كيف يحصل كلّ هذا في بضعة أيّام عددها أقلّ من عدد أصابع
اليديْن !!؟؟
والله
أعلم
والسلام،
عثمان الدرويش
27
/ 12 / 2012
مسؤولية
وحقوق هذه المادّة لصاحبها
.