.
في
تحصين الأسرة -31/15
الحاشية
12: للآباء الحقّ الأول في
اختيار نوع تربية أولادهم /مقتطف من مشروعنا
التربوي-ديسمبر2007
المدرسة هي مؤسّسة اجتماعية اصطنعها
المجتمع لتكون امتدادا طبيعيا للأسرة الحديثة. تلك الأسرة الّتي تشظّت حسب
الاهتمامات الشخصية لأفرادها وأصبحت اللغة المتداولة على ألسنتهم لا هيَ بالفصحى
الخالصة ولا بالعامية الدارجة، فهي لا شرقية ولا غربية . وتفاديا لهذه الفوضى
اللغوية رأت المدرسة من واجبها التدّخل باكرا لتنشئة الطفل لغويا واجتماعيا. وبعد
أن كان العرب يرسلون أطفالهم إلى قبائل البادية لتقويم لغتهم فيشبّوا على نطق
اللغة الصحيحة، صارت المدرسة تحتضن الطفل منذ نعومة أظفاره فتعتني بالتعليم قبل
المدرسي داخل أسوارها.
لكنّ
هذا التوجّه أوقع المدرسة في تناقض بين وظيفتها في إعداد الجيل الصاعد وتنشئته
لزمن غير هذا الزمان ودورها في المحافظة على تراث مجتمع سيطرت على أفراده المصالح
الشخصية المتنوّعة بل والمتضاربة في أكثر الأحيان، ممّا جعلها تفقد مكانتها في
حلبة الصراع. فتُحاول (المدرسة) إرضاء هذه الأسرة الّتي تخلّت عن واجبها التربوي
وتمسّكت بحقّها في اختيار نوعية تعليم أبنائها. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان
ينصّ على أنّ : " للآباء الحقّ الأول في اختيار نوع تربية أولادهم ."[1]
وبدلا
من تكييف هذا المحيط المتناحر مع الطفل في فضائه غير المحدود وإنسانيته الكونية
الرّحبة، قلبت المدرسة علاقة التكيّف وصارت تسعى جادّة لتكييف الطفل مع محيط
عدواني. فارتكاز مدرسة اليوم على البيداغوجيا الفارقية وفتح مدارس نموذجية
للمتميّزين في نهاية المرحلة الأولى للتعليم الأساسي وتركيز مجلس المؤسسة شواهد
على ذلك.
ولكنّ الأمر لم يتوقّف عند حدّ إعادة إنتاج
المجتمع حسب تعبير المفكّر الفرنسي بورديو. فمن باب احترام حقوق الأقليّات، ارتفعت
المطالب لتدريس الكردية في العراق الّذي يرزخ تحت الاحتلال، والأمازيغية في
الجزائر الجارة. أمّا المغرب -توأمنا في التربية- فقد شرع، ونزولا عند رغبة
الجماهير، في تدريس الأمازيغية بالمدرسة الابتدائية تدريجيا منذ أربع سنوات.
فهل
سيأتي يوم تطالب فيه الأسرة التونسية العصرية بتعليم أبنائها بلغة الأم؟ وإن كان
ذلك، فهل ستكون لغة الأم وقتها: تلك اللغة الغريبة (آس آم آس / التشات) الّتي كنّا
بصددها منذ حين ؟ ربما. خصوصا والمساعي حثيثة ومتنوّعة لترويض المجتمع حتى يقبل بخوصصة
التعليم.
والسلام، عثمان الدرويش
16 / 06 / 2013
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
[1] البند 3 من المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire