.
في تحصين الأسرة،
أو الحادثة التي أسقطت ابن علي -31/2
كنّا قد نقلنا في
-1- على الرابط التالي: http://penseesopinions.blogspot.com/2013/06/1.html تأويلات أهل الذكر في
الحكمة من ربط طاعة الوالدين بطاعته سبحانه وتعالى، واعتبار عقوق الآباء من الكبائر.
ونُخصّص هذه المساحة لعرض
حادثة من الواقع.
بثّت قناة حنبعل التلفزية منذ سنوات عديدة خلال شهر رمضان منوّعة يومية
بعنوان "حنبعل في حومتنا". وكان مِن بين فقراتها نكتة يُقدّمها مواطن
عادي أو نجم من نجوم المجتمع. خرج علينا ذات ليلة ممثل ومخرج سينمائي يُدعى نصر
الدين السهيلي بالنكتة التالية:
[جلس شابّان في مقهى، وقرّرا أن
يتباريا –أيّهما أكثر شماتة من الآخر-. وبعد لحظات خرجت عجوز من زقاق قريب من
المقهى، فتوجّه نحوها المُتباري الأول وأخذ يُسدِّدُ لها اللكمات يمنة ويسرة:
"جابلها عينها كِالعضمة المرَوْبة، زرّقلها وجهها –وما شابه من الألفاظ
السوقية-". على كلّ، كان الشاب الثاني في ذلك الوقت جالسا في مقعده تغمره
السعادة وهو يُراقِب عملية ضرب العجوز دون أن يُحرّك ساكنا. عاد المُتباري الأول
لصاحبه وطلب منه تسليمه الرهان المتّفق عليه فرفض الثاني مُدّعِيّا أنّه هو الأكثر
شماتة. فسأله الأول في استغراب أنا الذي ضربت العجوز دون أن تكون قد آذتني بشيء،
وأنت بقيت في مكانك مكتفيا بالضحك. فردّ عليه أنا أكثر شماتة منك لأنّ التي كنت
تضربها هي أُمِّي !!!!!! ] (واللغة الفصحى التي استعملتها قلّلت من وقع
المشهد على القارئ).
ملاحظات:
·
هذه النكتة تمّ بثّها مسجّلة. والأغرب أنّ إدارة القناة أعادت بثّها مرّات
خلال شهر رمضان معتبرة هذه النكتة من بين النكات التي استحسنها الجمهور.
·
هذه النكتة كانت ضمن إحدى مراسلاتي لوزارة التربية منذ سنوات. وأقحمتها
بعد ذلك في مشروع تربوي أثناء تقدّمي لمناظرة داخلية. ثمّ طرحتها في ندوة كانت تحت
عنوان "تفاقم أعمال العنف إزاء رجال التعليم".
·
في تلك الفترة كان بإمكان المرء التشكيك في حديث شريف، أو تأويل آية
قرآنية حسب هواه ولكن ليس بوسعه أن يُشكّك في الحداثة وعقيدة الحداثيين. لذلك لم
تلق صرختي آذان صاغية، بل قوبلت في الندوة المذكورة بالضحك والتهريج.
كُنتُ أعلم أنّ هذا الفنان بنكتته هذه، ومن باب الحداثة يُحاول تقديم خدمة
–بالمقابل أو حتّى بالمجّان- للنظام العَلمانيّ، وكُنتُ أعلم أنّ السهيلي -المُمتطي
ظهر النظام- يجهل أنّه بنكتته هذه يدفع الابن -طال الزمن أو قصر- للتمرّد على النظام
الحاكم، ولكنّني عجزتُ على إقناع السلط ذات
العلاقة أنّ السهيلي عندما يضرب ثابتا من ثوابت هذه الأمّة –وهو التراحم الأسري-، هو
يفتح باب تمرّد الابن على والديْه أو أحدهما، وهذا سيُؤدّي به آليا للتمرّد على
معلّمه ورئيسه ومجتمعه ثمّ خالقه سبحانه وتعالى، كما بيّنّا في -1-.
ويسأل سائل أليس هذا السهيلي هو نفسه الذي وقف وسط المُحتجّين قبل سقوط ابن علي بيوم واحد أو يوميْن في ساحة
محمد علي بتونس العاصمة رافعا بيده خبزة (الصورة المصاحبة)؟ فنُجيب أنّ لا تعارض
بين الموقفيْن للرجل. وبما أنّ الأمر بحاجة لدراسة كاملة ليس هذا مجالها، فإنّنا
نكتفي بالقول:
ليس كلّ مَن خرج للشارع يوميْ 13 و14 جانفي 2011، أو مَن يخرج هذه
الأيام هو مِن الثائرين أو المجاهدين.
والحادثة التي كنّا
بصددها هي صورة من تلفزيون الواقع أهمّ عدوّ للأسرة، وهو ما نعنيه بمطلب وجوب
تحصين الأسرة من أعدائها. وللحديث بقية
إنْ كان في العمر بقية.
والسلام، عثمان الدرويش
03 / 06 / 2013
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire