Pages

Nombre total de pages vues

mercredi 11 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/20

.  
مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/20/ ثالث أيام الحسم الخمسة

هذا اليوم هو يوم الأربعاء 12 جانفي 2011 لم يعد أحد يذكر بطالة الجامعيين ولا غلو المعيشة ولا بعث المشاريع. فلا حديث إلاّ عن عمليات القنص ومناطق التوتّر. طبعا لا أحد يذكر ما يجري من تخريب أو سرقة –مثل حرق ونهب مونوبري بنزرت// الشريط المصاحب- ربما كي لا تنتقل العدوى من منطقة إلى أخرى
http://www.youtube.com/watch?v=qR8XZzL7mgQ
واليوم دخلت على خط الانتفاضة جهات جديدة كـالمناطق المُرفّهة جدّا والمُعدمة جدّا في أحواز العاصمة ودعوة حزب الـ ب.د.ب لحكومة إنقاذ وطني.
 
كما شهد هذا اليوم إقالة ابن علي لمستشاريْه عبد العزيز بن ضياء وعبد الله قلال وتعيين وزير جديد للداخلية أحمد فريعة مكان (رفيق بلحاج قاسم). والتقى ابن علي بعبد السلام جراد الأمين العام لاتّحاد الشغل. وتمّ إعلان حظر التجوال في ولايات تونس الكبرى ونشر الجيش في بعض المناطق لحماية المباني الحكومية والمراكز الحساسة. وحتّى في المنطقة الواحدة فإنّك تجد الجيش يحرس بنكا دون بنك، أو محطّة بيع بنزين دون أخرى.

وفي بنزرت، خرج المتظاهرون إلى الشوارع واحتكّوا برجال الأمن فكانت القنابل المسيلة للدموع تسقط على هذا الجانب والحجارة على الجانب الآخر في جو خانق ولكنّه احتفالي: فالمتظاهرون كانوا يدركون النقطة غير المسموح بتجاوزها والأمن كان يكتفي بإخلاء الشارع الرئيسي دون ملاحقة المتظاهرين عند احتمائهم بالجيش (الصورة المصاحبة)، أو فرارهم للأنهج الجانبية. وكثيرا ما كان المنتفضون يمرّون بقوات الجيش متبادلين معهم التحية بل حتى العناق والورود. فإذا تحوّلت المسيرة إلى أعمال حرق ونهب من طرف البعض تراجع أكثر المحتجين منسحبين من الساحة، وقد انزوى البعض منهم إلى طرف الشارع مراقبا أو مصوّرا أو معلّقا على مشهد.

 عجلة الأحداث تدور بسرعة، ولا أحد يعرف ما يُخبِّئه القدر. 

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 12 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها

.

lundi 9 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/19

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/19/ ثاني أيام الحسم الخمسة

وصل بنا الحديث في أول أيام الحسم (الإثنين 10 جانفي 2011) إلى قرار الاتحاد العام التونسي للشغل عدم الدعوة إلى الإضراب العام، وأوكل الأمر للاتّحادات الجهوية لاتّخاذ القرارات المناسبة في الموضوع. فكان أوّل الفاعلين الاتّحاد الجهوي بالقصرين. وتمّ الاعتداء من طرف مجهولين وقتها على المقرّ وإيقاف أعضاء مكتبه التنفيذي.

 وفي نفس الليلة ألقى ابن علي خطابه الثاني –وهو واقف هذه المرّة- فهدّد وتوعّد العصابات المأجورة الملثّمة. ولكنّه كذلك طرح العديد من برامج التنمية والتشغيل. وأهم ما جاء فيه أنّه سيُشغّل 300 ألف عاطل عن العمل في ظرف سنة، وإعطاء أوامر بإطلاق حرية الإعلام. وفعلا ليلتها وبعد ساعة فقط، لم يعد مُستعمِل الانترنات بحاجة إلى (البروكسي) للإبحار. وأذكر أنّي تلقّيت ليلتها أكثر من مكالمة هاتفية تُعبّر عن فرحتها بهذا "الإنجاز العظيم". وخرج عبر وسائل الإعلام "حكماء الأمّة" يُمجّدون ويشرحون للعامّة أهمّية الإجراءات التي اتّخذها "سيادته". وبتنا ليلة شبيهة بليلة خطاب ابن علي الأول، نتساءل: هل نجح ابن علي في نزع فتيل الأزمة؟

وبظهور تباشير الصباح، بانت الحقيقة للجميع. فالانتفاضة ازداد لهيبها في مدن الداخل وأصبحنا نتداول أسماء جديدة: لقد قام بوليس ابن علي بعديد المداهمات وعمليات القنص بحيّ الزهور بالقصرين وحيّ النور بقفصة وغيرهما. وتمّ تعليق الدراسة في كامل تراب البلاد //الشريط المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=zEd8lCwEl1c
 وأعلن عن منع الجولان في العاصمة مع نزول الجيش لحماية الأماكن الحسّاسة //الصورة المصاحبة.

وفي نفس الوقت حاول رجال الإعلام والسياسة مساعدة النظام على تجاوز الأزمة: استدعت الخارجية التونسية السفير الأمريكي لتحتجّ على تصريح أظهر شيئا من التفهم الأمريكي للأزمة الدائرة. –طبعا إذا استثنينا التصريح المبكّر لوزيرة الخارجية الفرنسية المساند لابن علي، وقد تطرّقنا له في موضعه-.
كما بدأت اليوم 10 جانفي 2011 مفاوضات وزارة التربية مع نقابة التعليم حول مسائل قديمة. 
فقط لتذكير المُستنهضين الجدد، نُشير إلى أنّ العلاقة بين نقابة التعليم والسلطة -وقتها- كانت مُتوتّرة، وهذا رابط بلاغ في 10/12/2010 بقرار إضراب في التعليم الابتدائي يوم الأربعاء 26 جانفي 2011. طبعا كان هذا وقت الديكتاتور ابن علي، وقبل اندلاع شرارة الاحتجاجات 17/12/2010: https://www.facebook.com/photo.php?v=699003736806350&l=6226717514443145633


وهذا رابط آخر لنفس قرار الإضراب المُنزّل في 12/12/2010  بصفحة  المناضل النقابي المرحوم محمد العيادي المتوفى جانفي 2012: https://www.facebook.com/ayadi.libre/posts/138289319557628?stream_ref=10
وطار برهان بسيس إلى الاتّجاه المعاكس بقطر. وتصالح النظام مع قناة الجزيرة، فأطلّ من خلالها أكثر من وزير مُدافعا عن ابن علي و"سياسته الرشيدة". وخرج علينا صخر الماطري من فرنسا -على ما نذكر- مُتبرّعا بنسبة كذا من كذا لتنمية البلاد. وعبّر رجال أعمال عن استعدادهم لبعث مشاريع سريعة في الجهات المحرومة.

وكان الغائب الوحيد في الساحة هو حزب التجّمع الحاكم. فلا أثر لحدّ هذا اليوم للتجمّع والتجمّعيين.  ولكن لا أحد كان بإمكانه أن يتنبّأ لِما ستؤول إليه الأمور بعد أسبوع أو يوم، أو حتّى بعد ساعة. فالأحداث كانت تتصاعد بسرعة كبيرة. إنّها الانتفاضة.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 11 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها

.

samedi 7 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/18

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/18/ كواليس أول أيام الحسم الخمسة

يبدو أنّ كلّما اقتربت هذه المقاربة الذاتية المتواضعة من الزمن الحاضر كلّما ارتفعت الحرارة في كواليس هذا الفضاء الافتراضي واشتدّ لهيبها على أرض الواقع. لذلك رأيت التوقّف هنا في الـ18ـ عند بعض النقاط ولو بإشارات خاطفة.
بداية هذه المقدّمة المنزّلة في 1 ودون تعقيب:[ هذه المقاربة هي وجهة نظر اعتمدت المعاينة الميدانية للفعل الثوري وبالتالي فهي لا تخلو من انطباعات ذاتية، ومواقف شخصية. غير أنّها ارتكزت على ميثاق شرف، هو إشهاد الله على صدق أحداثها.
هي لا تستجيب لشروط الدراسة العلمية ولا ترقى إلى درجة الوثيقة التاريخية وإنّما هي ومضات تكشف جوانب من المشهد الثوري بإنطاق الزوايا الصامتة فيه.
هي مساهمة سردية – معطياتها متناسقة أحيانا، متنافرة أحيانا أخرى- لضخّ رأس مال رمزيّ يُساعد على ترميم الذاكرة الجماعية من جهة، ويُخلّصها من هيمنة طرفيْن أساسيْن [أحدهما بسيط(ديني)، والثاني مركّب(عَلماني-عَولمي)] متصارعيْن لبناء ذاكرة مُسلّحة بإسمنت الإيديولوجيا. والله وليّ التوفيق ] أعتقد أنّ هذا التعريف قد تضمّن الإجابة على بعض الأسئلة.

  كـــ: هل أنت بصدد تدوين وثائق تاريخية أم تلميع صورة الاتّحاد العام التونسي للشغل؟ لماذا أهملت أحداثا هامّة –حسب السائل طبعا-؟ لِمَ كلّ هذا التركيز على دور الاتّحاد وهو لم يكن حاضنة للاحتجاجات في بداياتها، وإنّما التحق بها مع بقية مكوّنات المجتمع المدني وفي الوقت نفسه، بل إنّ احتجاجات المحامين قد سبقت تحرّك النقابيين؟

بقي سؤالان اثنان يحتاجان مزيد التوضيح.
الأول:لماذا جاءت (المينياتير) أي واجهة الفيديو المصاحب تحمل صورتك الشخصية؟
والثاني:لماذا خصّصت حزب (ب.د.ب) بالإسم في أكثر من موضع دون أحزاب أخرى كانت ضمن المحتجّين في ساحة محمد علي وداخل المقرّات الجهوية للاتّحاد؟
   
بداية، أنا –بفعلي هذا- لم أكن أبحث عن منصب أو شهرة. ولم أسع في هذا المنهج من قبل، ولا مستقبلا. ولم ولن أنخرط في أيّ عمل صلب هيكل حكومي أو غير حكومي، سياسي، حزبي أو اجتماعي. كنت معلّما وسأبقى، قبلت منذ يومي الأول في المهنة أن يُقتطع من مرتبي أو أدفع معلوميْ انخراطي في تعاونية التأمين للتعليم، والاتّحاد العام التونسي للشغل. ثمّ انضاف لهما منذ عقد ونصف العقد الأخيرين معلوم انخراطي في الشعبة المهنية للتجمّع.
وبالتالي فأنا مستقلّ تماما، وسأبقى غير تابع لأيّة جهة. وإن كانت ميولاتي إسلامية-قومية.

أمّا بخصوص التوجّهات المشاركة في فعاليات الاتّحاد. فلم يكن بارزا فيها إلاّ (ب.د.ب) وقد عبرت عن ذلك سابقا بعبارة "زواج الـ(ب.د.ب) المعلن بالاتّحاد". إضافة لذلك فإنّ لافتات الأحزاب والمنظّمات كانت غائبة تماما حتّى بعد 14 جانفي 2011. والصورة الوحيدة التي رأيتها هي صورة تشي جيفارا وقد رُفعت بعد أن أصبحت المسيرات تجوب الشوارع.

ملاحظة: اعتقدت أنّ الشعارات التي هتف بها المتظاهرون وكتبتها في الـ17ـ  توحي بانتماءات أصحابها، وبالتالي فهي لا تحتاج منّي مزيد التوضيح، فمثلا:

·        حريّات حريّات، لا رئاسة مدى الحياة = (ب.د.ب)
·        صف واحد في النضال، تلامذة وطلبة وعمال= اليسار الشيوعي
·        يا شهيد ارتاح ارتاح، شعبك ماض في الكفاح= القومي العربي
·        بالروح بالدم، نفديك يا شهيد= اليمين الإسلامي

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 10 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

jeudi 5 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/17


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/17/ أول أيام الحسم الخمسة

انتشرت نار التمرّد في هشيم النظام خلال الأسبوع الأول من شهر جانفي. وقد تفرّعت قبل اليوم أي الإثنين 10 جانفي 2011 إلى قسميْن:
·        الأول هو احتجاجات فمظاهرات ثمّ انتفاضة انطلقت من ولاية سيدي بوزيد (سيدي بوزيد فمنزل بوزيان) ومنها إلى القصرين وقفصة ثمّ إلى بقية الولايات الداخلية الأخرى. وكانت الخسائر المادية والضحايا البشرية لحدّ اليوم، محصورة في هذه المناطق بالذات.
·        أمّا القسم الثاني فهو وقفات مساندة داخل البلاد وخارجها

 1 - ففي الخارج كانت المساندة –والتي انطلقت متأخّرة بنصف شهر على الأقل- محصورة في خروج البعض من الجالية التونسية والمدعومة هي نفسها بجاليات من جنسيات أخرى. يتجمّع هؤلاء (والذين حصلوا فيما بعد على 7% من مقاعد المجلس الـتأسيسي) في مجموعات لا تتعدّى بضعة عشرات من المساندين أمام سفارات تونس بكلّ تحضّر ومدنية، تحت حماية شرطييْن أو ثلاثة من الغرب المتحضّر هو أيضا. أمّا مثقفّو الجالية فقد اختاروا قصف ابن علي بمقالات نارية مُوجّهة عن بعد من وراء البحار.

2- أمّا مساندة الداخل، فقد انطلقت من الاتّحادات الجهوية للشغل مسنودة هي الأخرى ببعض منظمات المجتمع المدني كرابطة حقوق الإنسان/ وإنصاف وحرية/ والدفاع عن المساجين السياسيين وحزب سياسي واضح هو(ب.د.ب)، ثمّ بعدها التحق المحامون والطلبة والتلاميذ.
والآن، دخلت على خطّ المساندة أطراف جديدة كالصحفيين والفنانين وغيرهم. هذه المساندة الداخلية اختلفت عن أخواتها في الخارج كمّا وكيفا. إذ عرفت بمرور الأيام تصعيدا تدريجيا، وإن لم يكن في عدد المحتجّين، ففي وتيرة الاحتجاجات ونوعية الشعارات المرفوعة (الفيديو المصاحب)
في بنزرت، بعد خرجة 23 أو 24 ديسمبر 2010، كان يوم الإثنين 10 جانفي 2011 أول يوم في شهر جانفي يتمكّن فيه المحتجّون من الخروج للتظاهر في مدخل الاتّحاد الجهوي للشغل ببنزرت.

·        فتحوّل شعار: من بنزرت لبن قردان شعب تونس لا يُهان  /إلى/   ابن علي يا جبان شعب تونس لا يُهان  /ثمّ إلى/   ابن علي يا سفّاح، يا قتّال الأرواح
** ولم أنخرط في هذا الشعار نتيجة خوفي (الصورة المصاحبة) في تلك اللحظة من العواقب.

·        وتحوّل شعار: يا بوليس فيق فيق، ويني فلوس الصناديق  /إلى/  يا بوليس أُوه عليك الحجّامة تحكم فيك
**ولم أنخرط في هذا الشعار إيمانا منّي بأنّ تدخّل زوجة رئيس في السياسة مرفوض أصلا بقطع النظر كانت الماجدة حرمه حلاّقة أو دكتورة

·        صف واحد في النضال، تلامذة وطلبة وعمال
·        يا شهيد لا تهتم، الحرية تفدى بالدم
·        بالروح بالدم، نفديك يا شهيد
·        يا مواطن يا مسكين، قتلوا خوك في القصرين
·        يا شهيد ارتاح ارتاح، شعبك ماض في الكفاح
·         تونس تونس، حرّة حرّة، والعصابة على برّه
·        حريّات حريّات، لا رئاسة مدى الحياة
·        يسقط نظام السابع، مجرم وعميل وتابع

 وللظروف سابقة الذكر اعتبرنا أنّ هذا اليوم 10 جانفي 2011 هو أول أيّام الحسم الخمسة. إضافة لكونه تناسب مع حدثين:
الأول نقابي وهو بداية الإضراب عن العمل في بعض الجهات، حسب قرار الاتّحاد العام التونسي للشغل الذي رخّص للاتّحادات الجهوية في الدعوة للإضراب عن العمل وموعده كلّ حسب ظروفه.
والثاني حكومي، وهو تعليق الدراسة في كلّ المدارس والمعاهد والجامعات في البلاد.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش                 
نسخة 10 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها

.

mercredi 4 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/16


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/16
 بارقة أمل في غبار المعركة

ما زلنا في الأسبوع الأول من شهر جانفي، وقبل تعطّل الدروس وخطاب ابن علي الثاني. لقد قلنا فـ15ـي لقد أصبح الكلّ مكشوفا. صحيح أنّ الانتفاضة الدائرة -وإلى حدّ الآن- قد حقّقت نتائج إيجابية على الأرض. وأهمّها الهزيمة المعنوية لنظام ابن علي، التي جعلته يقدّم التنازلات العديدة. لكن مع ذلك، كان هدفنا الأكبر نحن البعيدين على ساحة المعركة –أو هكذا كنت أعتقد- هو إرباك الحاكم وتخفيف الضغط على الثوار في المناطق المشتعلة، وذلك بمناوشته لتوسيع رقعة الزيت.

فكثيرا ما كنت أُسأل في هذه الفترة وحتى يوم 14 جانفي عمّا ستؤول إليه الأحداث. فأجيب: الرجل ما زال قويّا /  بيده الكثير من الأوراق والتي لم يستعملها لحدّ الآن:
·        ففي خانة الجزرة، كنت أتوقّع منه تطعيم الحكومة برجال شرفاء، أو حلّ مجلس النواب لإعادة الانتخابات وإقحام المعارضة فيه، بل كنت أتوقّع حتى أن يُعلن طلاقه من الطرابلسية.
·        وفي خانة العصا، ابن علي –على الأقل في المناطق الباردة نسبيا- لم يستعمل كلّ قوّته ضدّ المحتجّين مقارنة بأحداث سابقة حسب متابعاتي. وخاصّة إذا ما أوكل للجيش مهمة استرجاع هيبته الشخصية. وكان في ذهني التصرّف المعتاد للجيش في هكذا حالة. [وسنعود للحديث عن الجيش بحول الله في مواضع أخرى] لكنّ الله سبحانه وتعالى يسّر للشعب المضطهد في حينها أسبابا أخرى.

وعَرف هذا الأسبوع قبسات أمل:
·        كانت الأولى عبر كلمة استثنائية خارج سلسلات الفيديو التي عوّدنا عليها المنصف المرزوقي المناضل سابقا من أجل الجمهورية. وكنت دوّنت تلك الكلمة يومها على ورق لأقرأها على غيري. قال المرزوقي يومها مُتحدّثا عن ابن علي: [يجب أن يذهب هذا الرجل هو وزجته معه ويأخذ معه أصهاره ويذهبوا إلى حيث سرقوا فلوسنا وليتمتّعوا بها ولن نُطالبهم بشيء. ثمّ يجب أن يخرج علينا حقيقة من داخل هذا النظام شخص أو أشخاص يستطيعون الحوار الحقيقي الجديّ مع مُمثلي هذا الشعب. وآن ذاك نبني مرحلة انتقالية ثمّ تنظيم انتخابات حقيقية.] انتهى كلام المرزوقي. وكان هذا في الأسبوع الأوّل من شهر جانفي. غير أنّ المرزوقي صعّد من خطابه  يوم 13 جانفي حيث قال: [كنتُ من قبل قد طرحت على الرجل الرّحيل ولكن الآن، وبعد سقوط ضحايا فلا بدّ من مُحاكمته].

·        أمّا الثانية فقد أومضت من بطحاء محمد علي، بعد مكتب تنفيذي لاتّحاد الشغل يوم 8 جانفي 2011. يومها أطلّ علينا عبيد البريكي صاحب لن الزمخشرية (الصورة المصاحبة) بخطاب حماسيّ سيُسجّله له التاريخ –أي قبل 6 أيام من رحيل ابن علي-. هذه الإطلالة ذكّرتنا بخروج أمين عام الـ"cisl"ـ الإيطاليّ الجنسية على ما نعتقد، من نفس الشرفة يوم الثلاثاء 24 جانفي 1978 ليُساند المرحوم الحبيب عاشور الأمين العام لاتّحاد الشغل وقتها وليشُدّ من أزرنا في مواجهة ديكتاتورية بورقيبة –أي قبل يوميْن من الخميس الأسود.

·        والثالثة كانت فيديو لمجموعة من الشباب أعتقد أنّه قادم من المناطق الحارّة: مجموعة من الشباب يُنزلون صورة ضخمة لابن علي من واجهة إحدى البنايات، ثمّ يحرقونها في جوّ احتفالي /الشريط المصاحب:

لقد بدأت الإشارات المُشفّرة الدالة على نهاية ابن علي تتوالى، وإن لم نكن قادرين وقتها على فكّ رموزها.   

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش                 
نسخة 09 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

mardi 3 janvier 2023

قصة فاضل وسعيد


.
 قصة فاضل وسعيد // إمضاء محمد بحر

حتى نُذكّر بانتفاضة الاتّحاد في الخميس الأسود 26 جانفي 1978 وضحايا انتفاضة الخبز 3 جانفي 1984

هذا الشهر ... متى يرحل
ينهمر الرصاص في كلّ الشوارع
ولمن يريد شهيد ... هذا فاضل، هذا سعيد

هذا القهر ...متى يرحل
يسيل الدم في كل المزارع
ولمن يريد شهيد ... هذا فاضل، هذا سعيد

القلب على اليسار... والنار تشتعل
وفاضل يصرخ، يصرخ... لا للفرار

تستقرّ الرصاصة ... في القلب العاشق
 في القلب العاشق ... ويسقط القرنفل

سينتهي الحزن ... وينتهي البكاء
ويُزهر الأمل ... ولحن الوفاء

لفاضل غنّوا كلّ الغناء ... وازرعوا القرنفل على الشرفات

أقسم...أقسم...أقسم    بدمائك الطاهرة
أقسم...أقسم...أقسم   وبقلبك الجريح
أقسم...أقسم...أقسم   أنّني سأثأر ......أنّني سأثأر......أنّني سأثأر

مع تحيات خواطر وآراء
01-01-2012
.

لكنّ سعيدا لا بواكي له


.
لكنّ سعيدا لا بواكي له [قصّة سعيد ماسح الأحذية -حقيقية-] يرويها الفنان محمد بحر

حتى نُذكّر بانتفاضة الاتّحاد في الخميس الأسود 26 جانفي 1978 وضحايا انتفاضة الخبز 3 جانفي 1984

يدور في الشوارع....يدور في الشوارع....ويقتات من الطريق
يدور في الشوارع....يدور في الشوارع....ويقتات من الطريق
ماسح الأحذية...ماسح الأحذية...ماسح الأحذية...ماسح الأحذية

وهم أصحاب المعامل.... يًشيّدون المعامل
وهم أصحاب المعامل.... يًشيّدون المعامل
ويُصبحون وزراء...وزراء...وزراء...وزراء...وزراء

وتبقى أنت تمسح...وتمسح...وتمسح
حتى يمسحوك...حتى يمسحوك...حتى يمسحوك..حتى يمسحوك...

ما ذنبك يا سعيد........ما ذنبك..ما ذنبك
أن تكون ماسحا.........ما ذنبك..ما ذنبك
وأن تُصيبك رصاصة طائشة....وأن تُصيبك رصاصة طائشة

فتموووت....فتموووت...فتموووت...فتموووت...فتموووت

ولن تبكيك سوى أمّك...عجوز طيبة
اسمها.. اسمها..اسمها..اسمها..اسمها..خضراء....اسمها..خضراء

ويحملوك على الأكتاف رفاقك....
بعد أن يلفّوك...بعد أن يلفّوك...بعد أن يلفّوك...بعد أن يلفّوك. الرداء

أنا لن أنساك يا سعيد ولن تنساك خضراء
أنا لن أنساك يا سعيد ولن تنساك خضراء ...ولن تنساك خضراء...ولن تنساك خضراء

الفيديو من 

مع تحيات خواطر وآراء
29-12-2011
.

lundi 2 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/15


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/15/ غياب الحراك المنهجي

 تذكير بالمقدّمة: 
هذه المقاربة هي وجهة نظر اعتمدت المعاينة الميدانية للفعل الثوري وبالتالي فهي لا تخلو من انطباعات ذاتية، ومواقف شخصية. غير أنّها ارتكزت على ميثاق شرف، هو إشهاد الله على صدق أحداثها.

هي لا تستجيب لشروط الدراسة العلمية ولا ترقى إلى درجة الوثيقة التاريخية وإنّما هي ومضات تكشف جوانب من المشهد الثوري بإنطاق الزوايا الصامتة فيه.

هي مساهمة سردية – معطياتها متناسقة أحيانا، متنافرة أحيانا أخرى- لضخّ رأس مال رمزيّ يُساعد على ترميم الذاكرة الجماعية من جهة، ويُخلّصها من هيمنة طرفيْن أساسيْن [أحدهما بسيط(ديني)، والثاني مركّب(عَلماني-عَولمي)] متصارعيْن لبناء ذاكرة مُسلّحة بإسمنت الإيديولوجيا. والله وليّ التوفيق
---------------------------------------------
مازلنا بالأسبوع الأول من شهر جانفي 2011 الاحتجاجات تتصاعد في المناطق الداخلية، وخصوصا في تالة والقصرين: * اصطدامات عنيفة بين البوليس والشباب المتمرّد، الراغب بعضهم في التحوّل إلى ليبيا حيث الإغراءات القذافية. * دعم واضح قوي للانتفاضة من طرف المحامين انطلاقا من القصرين، ثمّ في العاصمة. * الفوضى بدأت تعمّ المعاهد والجامعات. فهذا الشريط العادي جدّا هذه الأيام -مثلا، كان يُتداول على صفحات الفايس بوك باعتباره تحدّ صارخ للحاكم: http://www.youtube.com/watch?v=Ep7r3zBtw8E&context=C3e09eaaADOEgsToPDskL_aQNEpQuiM3WhrA3mKIty  * الإعلام الرسمي يعترف بسقوط 21 قتيلا، نافيا بذلك الأعداد المرتفعة للضحايا المعلن عنها في وسائل إعلام أجنبية.

ومع ذلك، فقد كانت الحياة شبه طبيعية في العاصمة والجهات الباردة، أي البعيدة جغرافيا عن مناطق الوسط المنتفضة وذات الحرارة المرتفعة. ففي بنزرت، وبعد مرور ثلاثة أسابيع لم يتغير الوضع كثيرا على الأرض: احتجاجات محدودة في المكان والزمان ببعض المعاهد لبعض الوقت، ووقفات مساندة بمدخل الاتّحاد الجهوي للشغل أو داخله –حسب يقظة البوليس-. أعداد المتظاهرين خلال كلّ هذه المدّة كان غالبا في حدود المائة شخص –قد تزيد أو تنقص بعض الشيء- لم توضع خطّة تحرّك ولم تُرفع لافتات ولا مطالب مدروسة (الصورة المصاحبة:وإن كانت في نفس الإطار العام، فهي صورة شهر جانفي 2009 لمساندة غزّة).

الجميع –حسب النقاشات الدائرة بين المتظاهرين- يعتقد أنّ ابن علي يُناور ربحا للوقت، حتى وإن أظهر بوليسه نوعا من اللين. وما دامت المحاسبة آتية لا شكّ فيها، فلا سبيل إلاّ إرباك الحاكم بتوسيع رقعة المعركة وتخفيف الضغط على منتفضي المناطق الساخنة.
بعد ارتفاع وتيرة مقاطع الفيديو التي كانت تنشرها وسائل الإعلام الأجنبية وفي مقدّمتها قناة الجزيرة بدون منازع، أصبح الكلّ مكشوفا حاكما ومحكوما. لذلك صرتُ لا أغادر المنزل، ثمّ البلدة إلاّ بعد عمليات تمويه متنوّعة: كتغيير الطريق أو موعد خروجي لبنزرت. ولمزيد الاحتياط أصبحتُ أتسلّح في كلّ مرّة ببعض المال لوقت الحاجة، وببعض الوثائق لتبرير أسباب توجّهي للمدينة، إن لزم الأمر.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش                 
نسخة 08 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.