.
مقاربة
ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/19/ ثاني أيام الحسم الخمسة
وصل
بنا الحديث في أول أيام الحسم (الإثنين 10 جانفي 2011) إلى قرار الاتحاد العام
التونسي للشغل عدم الدعوة إلى الإضراب العام، وأوكل الأمر للاتّحادات الجهوية
لاتّخاذ القرارات المناسبة في الموضوع. فكان أوّل الفاعلين الاتّحاد الجهوي
بالقصرين. وتمّ الاعتداء من طرف مجهولين وقتها على المقرّ وإيقاف أعضاء مكتبه
التنفيذي.
وفي نفس الليلة ألقى ابن علي خطابه الثاني –وهو
واقف هذه المرّة- فهدّد وتوعّد العصابات المأجورة الملثّمة. ولكنّه كذلك طرح
العديد من برامج التنمية والتشغيل. وأهم ما جاء فيه أنّه سيُشغّل 300 ألف عاطل عن
العمل في ظرف سنة، وإعطاء أوامر بإطلاق حرية الإعلام. وفعلا ليلتها وبعد ساعة فقط،
لم يعد مُستعمِل الانترنات بحاجة إلى (البروكسي) للإبحار. وأذكر أنّي تلقّيت ليلتها
أكثر من مكالمة هاتفية تُعبّر عن فرحتها بهذا "الإنجاز العظيم". وخرج عبر وسائل
الإعلام "حكماء الأمّة" يُمجّدون ويشرحون للعامّة أهمّية الإجراءات التي
اتّخذها "سيادته". وبتنا ليلة شبيهة بليلة خطاب ابن علي الأول، نتساءل: هل نجح ابن
علي في نزع فتيل الأزمة؟
وبظهور
تباشير الصباح، بانت الحقيقة للجميع. فالانتفاضة ازداد لهيبها في مدن الداخل
وأصبحنا نتداول أسماء جديدة: لقد قام بوليس ابن علي بعديد المداهمات وعمليات القنص
بحيّ الزهور بالقصرين وحيّ النور بقفصة وغيرهما. وتمّ تعليق الدراسة في كامل تراب
البلاد //الشريط المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=zEd8lCwEl1c
وأعلن عن منع الجولان في العاصمة مع نزول الجيش
لحماية الأماكن الحسّاسة //الصورة المصاحبة.
وفي
نفس الوقت حاول رجال الإعلام والسياسة مساعدة النظام على تجاوز الأزمة: استدعت
الخارجية التونسية السفير الأمريكي لتحتجّ على تصريح أظهر شيئا من التفهم الأمريكي
للأزمة الدائرة. –طبعا إذا استثنينا التصريح المبكّر لوزيرة الخارجية الفرنسية
المساند لابن علي، وقد تطرّقنا له في موضعه-.
كما
بدأت اليوم 10 جانفي 2011 مفاوضات وزارة التربية مع نقابة التعليم حول مسائل
قديمة.
فقط لتذكير المُستنهضين الجدد، نُشير إلى أنّ
العلاقة بين نقابة التعليم والسلطة -وقتها- كانت مُتوتّرة، وهذا رابط بلاغ في 10/12/2010
بقرار إضراب في التعليم الابتدائي يوم الأربعاء 26 جانفي 2011. طبعا كان هذا وقت
الديكتاتور ابن علي، وقبل اندلاع شرارة الاحتجاجات 17/12/2010: https://www.facebook.com/photo.php?v=699003736806350&l=6226717514443145633
وهذا رابط آخر لنفس قرار الإضراب المُنزّل في
12/12/2010 بصفحة المناضل النقابي المرحوم محمد العيادي المتوفى
جانفي 2012: https://www.facebook.com/ayadi.libre/posts/138289319557628?stream_ref=10
وطار برهان بسيس إلى الاتّجاه المعاكس بقطر. وتصالح النظام مع قناة
الجزيرة، فأطلّ من خلالها أكثر من وزير مُدافعا عن ابن علي و"سياسته الرشيدة". وخرج
علينا صخر الماطري من فرنسا -على ما نذكر- مُتبرّعا بنسبة كذا من كذا لتنمية
البلاد. وعبّر رجال أعمال عن استعدادهم لبعث مشاريع سريعة في الجهات المحرومة.
وكان
الغائب الوحيد في الساحة هو حزب التجّمع الحاكم. فلا أثر لحدّ هذا اليوم للتجمّع
والتجمّعيين. ولكن لا أحد كان بإمكانه أن
يتنبّأ لِما ستؤول إليه الأمور بعد أسبوع أو يوم، أو حتّى بعد ساعة. فالأحداث كانت
تتصاعد بسرعة كبيرة. إنّها الانتفاضة.
يتبع
بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة
11 / 01 / 2012
مسؤولية
وحقوق هذه المادة لصاحبها
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire