Pages

Nombre total de pages vues

samedi 8 décembre 2018

أزمة المصطلح لا تزال تُطاردنا: الربيع العربي نموذجا


.
أزمة المصطلح لا تزال تُطاردنا: الربيع العربي نموذجا 

لم يعد خافيا على أحد أنّ المصطلحات التي تُُطلقها أبواق سماسرة الإعلام ليست مُحايدة. فهي كمائن فكرية تُشكّل سلطة معنوية تتناسب مع سياسة صناّع القرار في العالم، وتتغيّر حسب مصالحهم كأن يصير الاحتلال حماية، والاستخراب استعمارا، والاستشهاد انتحارا، وترويع الآمنين حربا استباقية، وطمس حضارة أمّة صراع حضارات. وأزمة المعنى هذه لا تتوقّف بتوقّف العدوان المسلّح، بل تتواصل بعده. فيصير من يضع نصب عينيه الحلال والحرام ظلاميّا، رجعيّا، مُتطرّفا، مُتزمّتا ومُتخلِّفا. بينما نجد في المقابل أنّ كلّ من يُحاول عزل الدين عن الحياة وفرض الثقافة الغربية الاستهلاكية هو حداثيّ، ديمقراطيّ، علمانيّ، عقلانيّ ومُتقدّم.

والآن، وبعد سقوط حكّام مُستبدّين وتأرجح آخرين نحو السقوط، سارع حكّام الغرب –كغيرهم- لركوب قاطرة الثورة. لا حبّا في الشعوب الكادحة، وإنّما لتلطيف أجواء التوتر، وتخفيف مشاعر الكراهية ضدّ غطرستهم الغربية المُتوحّشة. فهذا حاكم يُطلق اسم مُوقِد شرارة الثورة على شارع بعاصمته، وآخر يقف على سدّة برلمانه مُصفّقا وبطانته المنافقة تحية لشهداء الثورة، وثالث يُغدق علينا قروضا سخيّة، ورابع وخامس...

ولكن هل انتهت أزمة المعنى؟ بالطبع لا، فالحرباء واصلت تلوّنها لتجعل من الثورة على الظلم والاستبداد < ثورة ياسمين >، ومن تسونامي التغيير <ربيعا عربيا >
هم يريدونها في رقّة الياسمين كي يسهل لهم اقتطاف زهرتها، والشعب يُريدها ثورة هندي – زهرته قد تفوق زهرة الياسمين جمالا كما تُبيّنه الصورة المصاحبة- ولكن لن يتمكّن من اقتطاف ثمرته إلاّ من يدفع الثمن.

وأمّا < الربيع العربي > فهو مصطلح برّاق ولولا تحوّل حرف الـ(ع) في المفردتيْن من المرتبة السادسة إلى الثالثة لقلنا إنّه جناس تامّ. فهل أنّ الغرب، من خلال هذا المصطلح الجميل الشاعري، يُريد حقّا التكفير عن ذنبه بعد أن حكم علينا بالعيش في شتاء قارس لعقود؟ لا، إنّها عملية إغراء، يقصد الغرب من ورائها تضليل الشعوب. فهي مُحاولة خبيثة منه لتعطيل طاقة الأمّة وتحييد فعلها الجمعي عن التأثير. فهو يعرف قدرة الثورات والانتفاضات على تغيير وتطوير الأنظمة والشعوب، ولكنّه يعلم كذلك مدى فاعلية المصطلحات والأفكار في النفوس. لذلك هو يُحاول صياغة أفكار ومصطلحات ثمّ تسويقها عساها تنجح في تمرير مشاريع تخدم مصالحه. ومرادف مصطلح < الربيع العربي >  عندي - واستعارة من أحمد شوقي- هو [خدعوها بقولهم حسناء]

استطراد على علاقة: [خدعوها بقولهم حسناء] عبارة ذكرتُها مرّة وسط جمع بعد 14 جانفي 2011  بأسابيع قليلة،  حتّى لا يغترّ الشباب بمصطلح {إنّ هذه الثورة هي ثورة الشباب}. وبيّنتُ لهم أنّ مُطلقي هذا الوصف مُخادعون. وعلى الشباب تلقّي اللقب، كلقب تكليف لا لقب تشريف، فإذا بهم كادوا يقصفونني بالطماطم – لو وُجدت-

لقد أراد الغرب – زورا وبهتانا- أن تكون ثورة الشعب ربيعا عربيا. والشعب يريد أن تكون ثورته صيفا حارقا يشوي الطغاة والجبابرة. الشعب يريد أن تكون ثورته خريفا عاصفا يجرف المُستبدّين خارج التاريخ والجغرافيا. الشعب يريد أن تكون ثورته شتاء مُمطرا يُغرق فرعون العصر وبطانته. أمّا وإن كان ولا بدّ من ربيع، فالشعب يُريد أن تكون ثورته ربيعا إسلاميا يستردّ فيه أرض فلسطين المسلوبة. وليس ذلك على الله بعزيز.

والسلام، عثمان الدرويش
07 / 05 / 2011 
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها
.    

vendredi 7 décembre 2018

الثامن من ديسمبر ذكرى وعبرة



الثامن من ديسمبر ذكرى وعبرة         

اليوم هو الثامن من ديسمبر جعله ابن علي يوما للسطو على أموال الشعب، يوما للابتزاز العاطفي مستعملا في ذلك سياسة الترغيب والترهيب: فالمانح يُعفى من دفع جزء من ضرائبه للدولة، والمانع يُحرم من امتيازات "سيادته". وتحت عنوان النهوض بمناطق الظلّ المحرومة، انطلت الحيلة على السواد الأعظم من الشعب بعدما روّجت بطانته أنّ المبادرة ترتكز على خطّة محاربة الفقر والتهميش بشفافية ووضوح.

وحتى تنطلي علينا خدعة "دولة القانون والمؤسسات" فقد كان من الطبيعي إحداث صندوق26/26 مُؤمَّن لدى لجنة نظيفة مستقلّة، يستطيع المواطن العادي الاطّلاع على كلّ عملياتها بمجرد مكالمة هاتفية عن طريق هاتف أخضر تمّ تسخيره للغرض. ولم يكتفِ ابن علي بـ"المصداقية" التي حَظيَ بها صندوقه في تونس فوسّع مبادرته لتتحوّل إلى مبادرة إنسانية عالمية باركتها الأمم المتّحدة، وصار الحاكم النوفمبري يقتطع نصيبا من واردات هذا الصندوق مساهمة منه في اليوم العالمي للتضامن.

 والجريمة في كلّ ما سبق تعود (في هذه الحالة وما شابهها) إلى مُنظرِّي الحاكم (أيّ حاكم) فهم يُدركون جيّدا أنّ الطريق إلى جيب التونسيّ يمرّ عبر قلبه. 

 مسألة التضامن في الدول الأخرى –غير الإسلامية- فهي ترتكز على قاعدة ماديّة، عقلانية، حسابية. فالمُساهم الغربيّ ينخرط في الفعل التضامني من معادلة الربح والخسارة كأن يُشارك بالأسهم والرقاع لبعث مشروع تنمويّ، أو من باب الحيطة الاجتماعية كأن يمُدّ يد المساعدة لجمعية خيرية أو مؤسسة اجتماعية. وبذلك هو في الحقيقة، يضمن لنفسه لا لغيره التأمين على بطالته هو أو ضمان بقية حياة له في معزل اجتماعي (دور المُسنّين)، وغيرها من المشاريع الاجتماعية عندما يُصبِح بحاجة لتلك الخدمة. 

 أمّا التضامن الإسلامي فهو ليس فِعلا مُناسبتيّا، يُستحدث بأمر جمهوريّ أو ملكيّ ولا حسب كرّاس شروط شركة أو بنك. ودافعُ التضامن في الإسلام ليس استثمارا عقلانيّا-حسابيّا قصير المدى في بنك للتضامن، أو حركة عاطفية-انفعالية لِتَرْضِيَةِ حاكم أو اتّقاء شرّه. 

التضامن في الإسلام هو عقيدة اعتنقها المسلم فوقرت في قلبه وأدركها بعقله وعملت بها جوارحه. فعندما يُخرج المُسلم زكاة ماله فإنّما يُنفّذ من تلقاء نفسه بندا قطعه على نفسه يوم شهد ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله، فهو قد أدرك يوم ارتضى الإسلام دينا، أنّ المال الذي بين يديْه هو مال الله، وأنّ سبحانه وتعالى قد جعل في ذلك المال حقّا للسائل والمحروم. 

 وأردنا من كلّ أوردناه أعلاه تحذير الحاكم –أيّ حاكم- من مغبّة التعامل مع المواطن مستقبلا بطريقة الابتزاز العاطفي أو الحساب الماديّ. 

مع تحيات خواطر وآراء
08-12-2011
.