أيام حرب الخليج الأولى "العراقية – الإيرانية"، كان الخليج العربي الرسمي متحالفا مع بطل القادسية الثانية صدام حسين المجيد، رحمه الله. والكويت موطن الشاعرة "الشيخة" سعاد الصباح يدور في مدار العراق العظيم. وكان كاظم يسهر لياليها في بلاط عُدي صدام حسين. وفي إشارة فقط: لديّ تسجيل يقول الساهر في (refrain) مرجع الأغنية: "إن شاء الله تشوف الفرح، وتزها أيّامك/ تستاهل كلّ خير والدنيا قدّامك/ إن شاء الله إن شاء الله، إن شاء الله إن شاء الله" وقد يقول قائل: كاظم لا يقصد الرئيس ولا ابنه. والردّ هو: ولكنّه غنّاها في قصره. ثمّ كاظم نفسه لم يُنكر علاقته الحميمية بـ عُدي، حتى أنّه صرّح بعظمة لسانه بتواجده مع عُدي يوم تعرّض الأخير لمحاولة اغتيال. نسيتُ فقط التصريح الحرفي لكاظم. هل كان مع عدي لحظة استهدافه، أم كان في ضيافته ليلة الحادث.
بعد حرب الخليج الثانية والعدوان الثلاثيني على العراق، انقلب الخليج الرسمي على العراق والعراقيين. وكان على الساهر أن يفكّ ارتباطه بالحاكم وينجو بنفسه. فقفز بمظلّة: آه يا عرب، وبغداد... من فوق أسوار بغداد المحاصرة إلى فضاء ليبرالية الغرب الحرّ. وللتعبير عن تبرُّئه من الحاكم المنهزم وولائه للمنتصر الجديد ارتمى في أحضان شاعرته الكويتية "الشيخة" سعاد الصباح. ولعلّه بذلك أراد أن يُوصل رسالة بأنّ الحبّ والعلاقات الإنسانية أقوى من صراعات الحكّام ودواليب السياسة. وانطلت علينا الحيلة بأغنية: مستقيل أو سعاد كما اشتهرت. وهذا القصيد هوللشاعر الإماراتي مانع سعيد العتيبة. وليست هذه المرّة الوحيدة التي يفكّ فيها كاظم ارتباطه برفيق دربه كريم العراقي. فقد سبق له أن تعامل مع الشاعر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في أغنية مشابهة.
جاءت سنة 2003 سنة الاحتلال الفارسي-الأمريكي للعراق، ووجد -أسير مملكة نزار قباني- كاظم الساهر نفسه بين ولاءيْن. لقد اكتشف للمرّة الثانية خطأه الاستراتيجي، فحاول مُجدّدا أن يجد لنفسه موقعا ضمن التحالفات الجديدة. ولكنّه باء بفشل ذريع حسب اعتقادي.
وخلاصة القول، هذه ليست دعوة لمقاطعة فنّ كاظم. وإلاّ كان علينا أن نقطع مع الكثيرين - على الأقل من التونسيين - الذين اكتشفنا مؤخّرا متاجرتهم بالفكر والدين والثورة.
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها