Pages

Nombre total de pages vues

jeudi 21 juin 2018

جزء من حوار مع صديقي السلفي/ حول تقسيم المجتمع إلى فسطاطيْن

.
جزء من حوار مع صديقي السلفي/ حول تقسيم المجتمع إلى فسطاطيْن


... قال صديقي: الأمر بيّن، وحديث الرسول – صلّى الله عليه وسلّم - صريح: {بين المسلم والكافر ترك الصلاة}. فمَن ترك الصلاة فقد كفر. قلت: وكيف عرفت أنّه تارك للصلاة. قال: لا تراه يدخل مسجدا. قلت: كان هذا يحدث في عهد الرسول – صلّى الله عليه وسلّم – ولم يُكفّر أحدا. ففي الحديث ما معناه: أنّه قال فيمن لا يحضر الصلاة في الجامع. وددت لو جعلت على المصلين إماما غيري ثمّ خرجت لأولئك فحرقت البيوت على رؤوسهم.

قال صديقي: وإذا صرّح المرء بتركه للصلاة ألم يكفر؟ قلت: فماذا تقول فيمن يرفض إخراج الزكاة مع بلوغ النصاب ومرور الحول؟ أو المُفطِر في رمضان مع قدرته على الصيام؟ أو الممتنع عن الحجّ رغم توفّر شرط الاستطاعة؟

قال: ولكنّ الصلاة عماد الدين؟ قلت: إنّها عماد الدين. والإسلام بُنِي على خمس، أي له خمسة أعمدة. والحديث يقول (بُنِي على) ولم يقل (يتكوّن أو يتركّب من) والفرق واضح بين أعمدة هذه البناية – التي نحن بداخلها – والبناية ذاتها. فما أفهمه من الحديث والله أعلم أنّ الأركان الخمسة هذه، هي مُقوّم أساسي للإسلام ولكنّها غير كافية لوحدها. كأن تقول –ولله المثل الأعلى- بُني هذا المسجد على خمسة أعمدة. فالأعمدة ركائز أساسية لهذه البناية، فبدونها لا وجود لمسجد، ولكنّ هذه الأعمدة لوحدها لا تُشكّل المسجد.
ثمّ كيف تُفسّر محاربة أبي بكر الصديق مانعي الزكاة، وقوله {والله لأقاتِلَنّ من فَرّق بين الصلاة والزكاة}.


قال صديقي: إذن لماذا خصّ الرسول صلّى الله عليه فريضة الصلاة للتفريق بين المسلم والكافر. لماذا لم يقع التمييز بين الشخصيْن بترك الزكاة مثلا أو الصوم أو الحجّ؟
قلت: أولا، لننتبه للفظ الحديث. الحديث قال المسلم ولم يقل المؤمن، والفرق شاسع. والدليل هو حديث جبرائيل عليه السلام حول أركان الإسلام الخمسة – وهي التي كنّا بصددها – وأركان الإيمان الستة وهي {الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره} فالإيمان اعتقاد قلبي، بينما أركان الإسلام أفعال ظاهرة. {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} الحجرات- 14
وبالنسبة لسؤالك حول تخصيص (ترك الصلاة) في الحديث. بما أنّنا نتحدّث عن الأفعال الظاهرة فالجواب بسيط: إنّك قد تجد شخصيْن مُفطريْن في رمضان: الأول كافر ولكنّ الثاني مسلم أفطر لعذر شرعي كالمرض أو السفر. قد تجد شخصيْن لم يُؤتيا الزكاة: الأول كافر، ولكنّ الثاني مسلم لم تتوفر في ممتلكاته شروط الزكاة كبلوغ النصاب ومرور الحول. قد تجد شخصيْن لم يحجّا البيت الحرام: الأول كافر، والثاني مسلم ولكنّه غير مستطيع.
ففي هذه الحالات قد يشتبه عليك الأمر للتفريق بين المسلم والكافر. أمّا الصلاة عماد الدين فهي العامل الوحيد الذي من خلاله يُمكنك التمييز بين المسلم والكافر – من حيث الفعل – فالصلاة لا تسقط على المسلم في السلم والحرب، في الإقامة والسفر، في الصحّة والمرض. وبالتالي يُمكنك التمييز بين المسلم والكافر.


وأداة التمييز هذه وضعها الرسول صلّى الله عليه وسلّم بين أيدينا لتسهيل الحياة الاجتماعية بين النّاس، كالمصاهرة مثلا، إذ لايصحّ زواج الكافر بالمسلمة. ولم تكن الغاية من هذا الحديث ضرب عنق تارك الصلاة. لأنّ النبيء الأميّ الذي لا ينطق على الهوى لم يقل مثلا: إذا ترك المسلمُ الصلاةَ فقد كفر.

ثمّ قلت لصديقي: حضرت مجلسا كهذا، وأثناء النقاش توجّه تارك الصلاة لأحد الفقهاء الجدد بالقول: أنا أصوم رمضان كأفضل ما يكون الصيام، هل أترك هذه الفريضة أيضا لأنّي لم أدخل مسجدا في حياتي؟


والله أعلم، عثمان الدرويش / وقد يكون للحديث بقية بإذن الله    
19-04-2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.     
   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire