Pages

Nombre total de pages vues

lundi 26 novembre 2012

نصر غزّة بنكهة الثورة -2


.
نصر غزّة بنكهة الثورة -2
    التجاذبات الإقليمية وفرص تصحيح المواقف
...
                                           بعد عرضنا في -1- لأهم مواقف دول المنطقة والجهات المُؤثّرة في مسألة العدوان الصهيوني الأخير على غزّة، وجدنا أنفسنا مُلزَمين بكشف حقائق أحاطت بالأحداث الأخيرة لا من باب تعليم غيرنا ما لم يعلم وإنّما من منطلق إيماننا بضرورة توفّر محاولات في تفكيك عناصر منظومة معقّدة نسعى جاهدين لتكون هذه إحداها.
                                               فالحدث التاريخي هو عبارة عن مرآة عاكسة بسيارة  -ضرورية وغير كافية-. يطالعها السائق للسير إلى الأمام ولا يحتاجها إذا ما أراد الرجوع إلى الخلف بل وتُصبح مضلّلة له. والإبحار في مسألة النصر الأخير وليس الآخر لغزّة قد يجعلنا نسبح في فرضيات تحجب عنّا بعض أوجه الحقيقة. فالحدث لم يتجاوز بعد الزاوية الميّتة كي نتمكّن من رؤيته من خلال المرآة العاكسة لمركبة التاريخ.

                                              وحتى لا ندخل في جدال حول إن كنّا مسكونين بالتاريخ على حساب واقعنا أو أنّنا على العكس من ذلك لا نقرأ التاريخ ولا نعتبر منه، وحتى نتّخذ موقعا من التاريخ نطلّ منه على الأحداث في ترابطها قصد إسقاط العلاقات السببية على الوقائع المستقبلية، وحتى نبتعد عن تحويل النسبي إلى مطلق وتأليه البشر للبشر دون بخس دورهم في صنع الوقائع. لابدّ من وقفة تاريخية قصيرة نطلّ منها على الأوضاع الراهنة في المنطقة فتُيسِّر لنا تحليل النقطة التي نحن بصددها.

                                            وقبل هذا كلّه، نُشير أنّنا –وحتّى لا تتشعّب بنا السبُل- سنقوم بتحييد عوامل مُؤثّرة بدون شكّ، مثل سلطة رام الله والفصائل المُختلفة للمقاومة، وكذلك أدوار مُحتشمة لكلّ من تونس وليبيا (أمّا بالنسبة للدور القطري فسنعرض له أكثر من مرّة في سياق هذا البحث).

                                            حزب الله: كان ذلك سنة 1982، عندما اجتاحت إسرائيل لبنان وارتكبت بالتعاون مع جهات لبنانية مجزرتيْ صبرا وشاتيلا. كان ذلك بسبب العمليات القتالية المتواصلة من طرف الفلسطنيين على شمال فلسطين المُحتلّة. ثمّ كان ترحيل عدد كبير فلسطينيي لبنان إلى تونس وعلى رأسهم المرحوم بإذن الله ياسر عرفات، وتنصيب إسرائيل سعد حدّاد وبعده أنطوان لحد لحراسة الشريط الحدودي بجنوب لبنان. ولكنّ هذا الجيش الجنوبيّ العميل لإسرائيل لم يُفلح في صدّ هجمات المقاومة على الإسرائيليين. وبانتهاء العداوة بين حزب الله الإيراني وحركة أمل السورية أصبح الشيعة قوّة لا يُستهان بها في لبنان برأسيْن، سياسي نبيه برّي وعسكري حسن نصر الله. فتخلّت إسرائيل عن عميلها الجنوبي أنطوان لحد، وأوكلت حراسة شمال فلسطين المحتلّة لحزب الله الشيعي. وقد أبلى الحزب بعد انسحاب شارون من الجنوب اللبناني بلاء حسنا في منع الفلسطنيين من التسلّل إلى الأراضي المحتلّة. وأصبحت العمليات القتالية ضدّ إسرائيل لا تُشنّ إلاّ بحسابات دقيقة من حزب الله وحسب أجندات إقليمية مُحدّدة.

                                          ولكنّ حسن نصر الله اغترّ بقوّته وقام سنة 2006 باختطاف جندييْن صهيونييْن. فكانت هذه العملية سببا في عدوان صهيوني على لبنان، لم ينته إلاّ بالقرار الأمميّ 1701 والذي بمقتضاه تعزّز دور اليونيفيل، وصار هو البديل عن نصر الله والحارس الرسميّ لحدود شمال فلسطين المُحتلّة، وكانت قطر من ضمن قوات اليونيفيل هذه.
وبذلك لم يعد لحزب الله أيّ دور خارجيّ. وهذا ما يُفسّر سكون صواريخه وخفوت خطابه ضدّ إسرائيل في العدوان الصهيوني الأخير على غزّة، وهو نفس الموقف الذي اتّخذه من إسرائيل في عدوانها قبل الأخير على غزّة أواخر سنة 2008... يتبع بإذن الله

والسلام، عثمان الدرويش
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها

26 / 11 / 2012
.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire