Pages

Nombre total de pages vues

mercredi 28 novembre 2012

نصر غزّة بنكهة الثورة -3


نصر غزّة بنكهة الثورة -3
التجاذبات الإقليمية وفرص تصحيح المواقف
...
مصر / إيران
وقبل المواصلة، ملاحظة:
حتى لا نزجّ بأنفسنا في دوّامة المذاهب والطوائف، نذكّر بأنّ قمنا خلال هذا المبحث بتحييد المتغيّرات العقائدية المذهبية.

                                    بعد القفز على دور صلاح الدين الأيوبي في إنهاء دولة الفاطميين بمصر وإعادة الخلافة العباسية لتوحيد بلاد الشام والجزيرة، وتجاوزا لظروف تفكيك الدولة العثمانية والمتسببين فيه، وتخطيّا لسايكس بيكو، نصل إلى المرحلة الحديثة لتاريخ المنطقة. وحتى لا تتفرّق بنا الشعاب نحصر حديثنا في سياسة ملء الفراغ الجارية في العقود الأخيرة بين إيران ومصر، وتعاملهما مع المحور الأمريكي-الاسرائيلي. فحين كان شاه إيران يحوم حول الفلك الأمريكي ويُقيم علاقة ديبلوماسية مع اسرائيل كان عبد ناصر العرب يدور في الفلك السوفياتي رافعا لاءاته الثلاثة على اسرائيل. وفي أواخر السبعينيات حين توجّه سادات العرب إلى كامب دافيد في معاهدة للسلام مع اسرائيل مٌتنقّلا إلى الحضن الأمريكي، اقتنص خميني إيران الظرف فقفز إلى الضفة الأخرى متوجّها نحو السوفيات، مُشهرا عداءه للشيطان الأكبر وقاطعا علاقاته باسرائيل.

                                    في هذه المرحلة والساحة تشهد هذه التجاذبات، ما هو الدور الذي لعبه العرب؟ لقد أخطأت مصر خطأ فظيعا بشق الصف العربي بمعاهدة مخيم داوود. ولكنّ خطيئة العرب كانت كارثية عندما قاطعوا مصر عقابا لها حسب اعتقادهم. لحظتها، ولملء الفراغ الحاصل، هبّ خميني إيران في محاولة الدفع بمدّه الشيعي إلى المنطقة. وتحمّلا لمسؤولياته التاريخية وقف العراق بالبوابة الشرقية يصدّ السيل الشيعيّ الجارف، مُجيّشا وراءه العرب عدا ليبيا المحايدة –استثناء- وسوريا العلوية مؤيّدة للشقّ الآخر. دامت الحرب ثماني سنوات، فشل خلالها قائد القادسية في ملء الفراغ غير أنّه توفّق في حدّ الزحف الفارسي. والله غالب على أمره. وبعد وقف النار سمحت اتفاقية الطائف لسوريا باستعادة حقّها في لبنان المتواجدة به أصلا منذ الحرب الأهلية. وعملا بالمثل، كافأ العراق نفسه لتصدّيه للخطر القادم من الشرق، فاسترجع حقّه في الكويت. وبات ينتظر الفرصة ليحلّ محل مصر في ملء الفراغ بالمنطقة.  لكنّ السيد الأمريكي رفض زعامة العراق على المنطقة، وبارك في المقابل لَمّ الشمل في الحالة السورية اللبنانية فجازى سوريا لتحالفها معه ضدّ العراق بتفعيل اتفاق الطائف تكتيكيا.

عمّت الساحة فوضى جديدة، وتزاحم أهلها لمحاولة ملء الفراغ من جديد. فتمّ إنشاء إعلان دمشق-دول الخليج زائد اثنان–  فقُلّمت بواسطته أظافر العراق. حينها لبست إيران قناع الاعتدال ليتوهّم العرب أنّ رفسنجاني إيران يطلب الصفح والمصالحة. وبذلك تدخل المنطقة في هدوء زائف، هو عبارة عن استراحة مُحارب حتّى إشعار آخر. ولعدم قدرته تحقيق نتائج أفضل، قبل السيد الأمريكي الإبقاء على توازن هشّ بين مُتحاربين جريحين، إلى حين تفكيك المعسكر الاشتراكي. ثم تدور عجلة المعارك في البوسنة والهرسك، ويُقدّم الدب الروسي الولاء لعدو الأمس، ويُشبَع حامي البوابة الشرقية حصارا وجوعا وقتلا.
وبخطة جهنميّة سرّية مُعقّدة تُشعِر إيرانُ "المسالمةُ" الولاياتِ المتحدةَ المعتديةَ أنّ الرأس قد أينع وحان قطافه. فتنجرّ أمريكيا إلى ساحة المعركة مرّة أخرى، وتقفز إيران من الإصلاح الخاتمي إلى التطرف النجادي. وهكذا نصل للأحداث الجارية حاليا في الساحة، وأطوارها لا تحتاج مزيد التوضيح في هذا الباب.

                                   نستنتج ممّا سبق أنّ المحاولات العربية – فردية وجماعية – فشلت في سدّ الفراغ الذي تركته مصر بتخلّيها عن مهمّة تبقى الوحيدة المؤهلة لها، والولايات المتحدة فشلت فشلا ذريعا في السيطرة على المنطقة نتيجة تصدّي المقاومة العراقية وغيرها لهيمنتها. كلّ ذلك جعل مشروع المدّ الفارسي أكثر حظوظا في بسط نفوذه على المنطقة، خصوصا وإيران لا تتوقّف عن العزف على وتر العداء لإسرائيل يسندها في ذلك انضمام الطرف الإسلامي المقاوم في فلسطين (حماس) لا غباء وجهلا بل نتيجة غياب الداعم التاريخي للمقاومة – وهو العراق -، وسلوك بقية الدول العربية مسلك: السلام مع إسرائيل خيار استراتيجي وحيد... يتبع بإذن الله

والسلام، عثمان الدرويش
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها
28 / 11 / 2012
.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire