Pages

Nombre total de pages vues

vendredi 23 décembre 2022

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/8


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/8/ تصعيد على نار هادئة

سنة 2010 توشك على النهاية، الرؤية مُنعدمة والمستقبل ضبابيّ. صحيح، أنّ احتجاجات ديسمبر قد حقّقت نتائج إيجابية على الأرض. أربكت النظام، أجبرته مرارا على تقديم تنازلات. إذْ لم يكن أحد يتوقّع أن يتمّ الإفراج عن كلّ المعتقلين بهذه البساطة، وأن تقع تحويرات هامّة في الحكومة، والشروع الفعلي في البحث عن طرق توفير مواطن شغل ومزيد العناية بالمناطق المحرومة.
ولكنّ السؤال الرئيس، كان وماذا بعد؟ فالنظام لا يحظى بثقة المحتجّين، والجنرال ابن علي لن يترك الأمر يمرّ بسلام. وكان الرأي السائد بين المُحتجّين هو أنّ ابن علي انحنى للعاصفة كسبا للوقت فقط، وسيعود للانتقام متى عاد الهدوء.  ولا سبيل إلاّ الاستمرار في مناوشته حتى انتهاء العطلة وعودة التلاميذ والطلبة. ساعتها ستتوسّع رقعة الاضطرابات ويصعب عليه الانتقام من المُنتفضين.

تواصلت في هذه الساعات الأخيرة من سنة 2010 الاحتجاجات وتوسّعت لتشمل بلدة كالعالية مثلا. فقد قام مجهولون بها بحرق لافتة كانت مرفوعة أمام مركز البريد في الطريق الرئيسية. وربما لم يسمع الكثير بالحادثة لأنّ عمّال التنظيف قاموا في صباح الغد بتنظيف المكان. غير أنّ أثار الحرق لم تُطمس إلى اليوم. ولا تزال الملامح مرئيّة على طرف الحائط الخارجي من جهة دار الثقافة، على ارتفاع أقلّ من نصف متر. وقد قمتُ –لاحقا- في مناسبات مختلفة بكشفها لثلاثة أصدقاء على الأقل.

أمّا على المستوى الوطني فقد التأم مجلس النواب في جلسة خاصة –برئاسة فؤاد المبزّع، المبزّع هو الذي تولّى رئاسة الجمهورية بعد فرار ابن علي-. لم يجتمع مجلس الشعب للبحث عن سُبل الخروج من الأزمة بل للتنديد بقناة الجزيرة الفضائية وطريقة تغطيتها للأحداث الجارية. وطبعا من الغد أصدرت الأحزاب المعارضة –الكرتونية منها فقط- بيانات تدين فيها الإعلام "الإجرامي" للجزيرة.

أمّا ميدانيّا فقد تواصلت في المقرّ الجهوي للاتّحاد الوقفات الاحتجاجية –الشبه يومية- لعشرات المتطوّعين داخله. وحتى اليوم الأخير من سنة 2010 لم يتزايد عدد المحتجّين داخله و/أو أمامه، ولم تتمكّن وقفات المساندة للمناطق المحرومة من التحوّل إلى مسيرات أو مظاهرات. غير أنّ هتافات المحتجّين في الأيّام الأخيرة من السنة شهدت نقلة نوعية. 
فبعد أن كانت:

·        من بنزرت لبن قردان شعب تونس لا يُهان/ صارت: ابن علي يا جبان شعب تونس لا يُهان
·        ومن: رفع الحصار واجب، حقّ التظاهر واجب/ إلى: حريات حريات، لا رئاسة مدى الحياة
·        ومن: شغل حرية، كرامة وطنية/ إلى: عدالة حرية، من غير طرابلسية
·        ومن: التشغيل استحقاق، يا عصابة السّراق/ إلى: يا بوليس فيق فيق، ويني فلوس الصناديق
·        وردّا على تنديد مجلس النواب بالجزيرة، كان الشعار: الإعلام حرّ حرّ، والجزيرة هي الكلّ// وكنتُ أوّل من هتف بهذا الشعار.
·        شعار آخر: يا شهيد ارتاح ارتاح، شعبك ماض في الكفاح

·        وأخيرا، من: عاش الاتّحاد، عاش عاش/ إلى: عار عار عــالاتّحاد، وينو الموقف يا جراد
وسنعود لهذا الشعار بالذات في حديثنا: ليلة الفصل بين سنتيْن

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 28 / 12 / 2011
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire