Pages

Nombre total de pages vues

jeudi 6 mars 2014

مُغالطة تحييد المساجد عن العمل الحزبي

.
مُغالطة تحييد المساجد عن العمل الحزبي

ردّا على مسألة تحييد المساجد، كثيرا ما سمعنا –وطيلة شهور عديدة- من شخصيات حكومية وقيادات حزبية حاكمة نفس الردّ. وآخر هذه الردود ما جاء البارحة (05/03/2013) على لسان الخادمي وزير الشؤون الدينية على القناة الوطنية:
[ عندما تسلّمت هذه الحكومة كان عدد المساجد الخارج عن سيطرة وزارة الشؤون الدينية أكثر من ألف مسجد، واليوم تقلّص العدد إلى 167 مسجدا ]
والواضح من هذا الردّ النموذجي والذي يكاد يكون موحّدا عند كلّ المسؤولين، أنّ المساجد الخارجة عن السيطرة -حسب الخادمي- هي تلك التي يسوسها سلفيّون، وهم من يُمارسون العمل الحزبي داخلها. وفي هذا مغالطة كبيرة للرأي العام:

·        فالسلفيون لا يُؤمنون أصلا بالتحزّب السياسي حتّى يقوموا بتوظيف المساجد خدمة لأحزابهم.

·        هدف الأئمّة السلفيين –وحسب متابعتنا- هو هدف إيديولوجيّ خالص، أساسه العودة بالمسلم لأصل الدين حسب منظورهم الخاص. ويتّضح ذلك جليّا في حثّهم رواد المساجد على الجهاد، والتشبّث بالسلف الصالح، وإحياء سنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. صحيح، أنّ طرق التبليغ لم تكن دائما موفّقة، بل أحيانا كانت مُجانبة للصواب. وفي جميع الحالات لا نظنّ أنّ هذا النوع من المسائل المطروحة هي التي أزعجت المعارضة الحزبية، فطالبت بتحييد المساجد.

·        الخطاب السلفي عند تعرّضه لمجريات الساحة السياسية يكون موجّها بالأساس ضد حزب النهضة (خصوصا بعد اعتلائه السلطة). وبالتالي فالخاسر الأول من هذا الخطاب هو حزب النهضة الحاكم وليست الأحزاب المعارضة المُصرّة على تحييد المساجد.

وحقيقة الأمر –ودائما حسب متابعتنا-، إنّ تناول المسائل الحزبية من فوق المنابر وتوظيف الدروس المسجدية لفائدة الحزب الحاكم  كان دائما يتمّ من طرف أئمّة انتهازيين و"مُستنهضين" جدد وحصريّا في مساجد تقع تحت السيطرة الكاملة لوزارة الشؤون الدينية.

وللاستدلال على ما ذكرناه يكفي أن نقارن بين سنتي 2011 و2012 أي قبل وأثناء حكم النهضة:

Ø     في 2011 كان الخطاب المسجدي إيديولوجيا –في أغلبه- يتناول مسائل دينيّة اجتماعيّة: المظهر العام/ الحلال والحرام/ غلق الدور والمحلاّت المنافية للأخلاق...

Ø     في 2012 تحوّل الخطاب المسجدي تدريجيا إلى منهج حزبيّ براغماتيّ تحت شعارات مُخادعة كـ: تطهير الإعلام/ تحصين الثورة/ تجريم الإضرابات... وأصبح التناسب طرديّا، فكلّما ازدادت سيطرة الحزب الحاكم على المساجد ازداد التوظيف الحزبيّ لها.  وبلغ ذروته في أزمة 4 ديسمبر 2012 ودعوة اتّحاد الشغل للإضراب العام ثمّ تواصل تصاعديّا حتى 6 فيفري 2013 يوم اغتيال المناضل اليساري شكري بلعيد.

وخير مثال على ذلك هو مثال كبيرهم وزير الدين الذي كان يخرج –بعد استيلائه على جامع الفتح- أسبوعيّا تقريبا، على رأس هذا النوع من المسيرات حتى اشتعال الضوء البرتقالي في أحداث السفارة الأمريكية.

إنّ عرضنا هذا كان في إطار اتّفاق الحكومة والمعارضة على توجيه تهمة توظيف المساجد للعمل الحزبي من طرف دينيّ بعينه هو التيار السلفي، أو جزء منه. أمّا لو جاء طرح القضية من زاوية الصراع الإيديولوجي فإنّ المسألة تُصبح مختلفة تماما.

والسلام، عثمان الدرويش
06 / 03 / 2013
.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire