Pages

Nombre total de pages vues

jeudi 4 août 2022

ما سرّ حرص أردوغان على إنقاذ الديمقراطية في تونس بالذات؟


  ما سرّ حرص أردوغان على إنقاذ الديمقراطية في تونس بالذات؟

بإلقاء نظرة سريعة على خريطة العالم في أواخر القرن الماضي وحتى مُنعرج 11 سبتمبر 2001، نجد الحركات الإسلامية بأنواعها التي امتطت الدين وسيلة للوصول لسدّة الحكم -المحافظة منها والإخوانية والسياسية والديمقراطية إلخ إلخ...- قد انتشرت واشتدّ عودها بنسب مُتفاوتة في كلّ دول المنطقة.

وهذا الوصف ينسحب على حزب الفضيلة في تركيا الذي وصل إلى سدّة الحكم في 2002 بعد أن أصبح يُسمّى حزب العدالة والتنمية. وكان الأمر مشابها قليلا أو كثيرا في السودان مع عمر البشير، وجبهة الإنقاذ في الجزائر مع عباس مدني، وحزب العمل الإسلامي مطلع هذا القرن في الأردن، وحزب العدالة والتنمية المغربي مع آخر قياداته بنكيران، ثم نصل إلى حزب الحرية والعدالة في مصر مع محمد مرسي، وأخيرا الوفاق الليبي مع خالد المشري وفايز السراج. بين قوسيْن: لا يُمكن أن ننسى أفول نجم حزب الله اللبناني بعد انتصاره في حرب 2006.  كلّ هذه الحركات انحصرت و/أو انحسرت ما عدا حركة النهضة في تونس.

طبعا، ما يهمّنا هنا: هو المنطقة العربية والمحيط الإقليمي لتونس، مع استثناء اليمن والعراق وسوريا لظروفها الخاصّة، والقفز على الخليج العربي لاعتقادنا عدم وجود كيانات فيه يمكن أن نُطلق عليها اسم دولة.

والآن، باقتباسنا مِن قولة لِعلي الوردي عالم الاجتماع العراقي نُجيب على السؤال: ما سرّ حرص أردوغان على إنقاذ الديمقراطية في تونس بالذات؟ إنّ الديكتاتورية التركية والمُتستّرة بثوب الدين [وإن لم يلبس زعيمها عمامة الشيخ، ولم يرتد قبّعة العسكري] تحتاج لِتمدّدها خارج مساحاتها التقليديّة إلى حراسة سياسية أو مُؤثّرا خارجيّا، أو الإثنيْن معا.

والسلام، عثمان الدرويش

03/08/2021

مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها 


mercredi 3 août 2022

موقف مُريدي الشيخ عند: تشبيهه بسقراط وتفضيله على موس عليه السلام

موقف مُريدي الشيخ عند: تشبيهه بسقراط وتفضيله على موس عليه السلام

الإطار العام: في مثل هذا اليوم تمّ إسقاط لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان

يقول يوم 1 أوت 2020 الوريمي أحد قياديي الحزب الحاكم طيلة الجمهورية الثانية وصاحب مقال: وانتصر راشد الغنوشي: كان بإمكان رئيس البرلمان رفض لائحة سحب الثقة منه لِما تضمّنته من إخلالات، ولكنّه قبل التحدّي, وبذلك كان شيخه مثل سقراط الذي رفض تهريبه من السجن، وأحسن من موسى عليه السلام الذي فرّ من المدينة عندما سمع أنّ الملأ يأتمرون لقتله.

بعد تقديمي لهذا العرض، ماذا كان موقف مُريدي الشيخ؟ لقد استحسنوا المقال، وصبّوا جامَ غضبهم عليَّ أنا.

ملاحظة: الوريمي صاحب المقال خصّص فقرة كاملة لتشبيه شيخه بالمرحوم صدام حسين، ولكنّي تجاوزتها لرفضي القاطع هذا التشبيه أو حتى وضعه في منزلة دنيا قريبة من موقع قائد القادسية. 

وهذه مقتطقات حرفية من مقال: وانتصر راشد الغنوشي. أمّا المقال كاملا فهذا رابطه https://www.babnet.net/festivaldetail-208204.asp

ظل أمر الفيلسوف اليوناني سقراط يحيرني لماذا رفض أبو الفلاسفة عرض طلابه تهريبه من السجن لإنقاذ حياته بعد أن حكمت عليه المحكمة بالإعدام عن طريق تجرع السم...

قال أرسطو لو كنت مكان سقراط لاخترت انقاذ حياتي وفررت من السجن وكذلك فعل سيدنا موسى عليه السلام عندما نهي إلى سمعه أن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فغادر المدينة ولسان حاله "ففررت منكم لما خفتكم.


وقد كانت حجة سقراط في تسليمه لعدالة الأرض احترام القانون لأنه في التمرد على القانون وخرقه ضرب لأهم قاعدة في بناء المجتمع وهي تأسيسه على التعاقد والتعايش والحرية ..

وحينما سلم الغنوشي رئيس مجلس النواب لمن أئتمروا به من "زملائه" واتهموه بشتى التهم اختار أن يعاملهم معاملة القدوة العليا حينما توجه الى الله بقوله " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" ..." وقبل الغنوشي (ليس للمرة الاولى) التحدي ..فكان سقراطيا

         والسلام، عثمان الدرويش

    01/08/2021

    مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها 

اغتيال 1-8-2022 بين غدر السياسي وحصار إدارة الفايس بوك


اغتيال 1-8-2022 بين غدر السياسي وحصار إدارة الفايس بوك

حتى لا تعود إدارة الفايس بوك لغلق صفحاتي رأيت أن يكون تعليقي على عملية الاغتيال التي نفذّتها أمركيا في أفغانستان مفتتح هذا الشهر على النحو التالي:

·        الولايات المتحدة احتلّت أفغانستان أكثر من 21 سنة ولم تتمكّن من زعيم تنظيم الجهاد طيلة هذه السنوات، لأنّ هذا الأخير كان في حماية طالبان.

·        الولايات المتحدة انسحبت من أفغانستان منذ أقل من سنة. وانتقلت طالبان من حركة دينية جهادية إلى سدة الحكم.

·        الولايات المتحدة تتمكّن في 1-8-2022  وبسهولة كبيرة من اغتيال زعيم تنظيم الجهاد في عاصمة الحاكم طالبان. ولم يكن ذلك ليحدث إلاّ بتواطؤ طالبان –الحاكم الحالي والحامي السابق للرجل- أو على الأقل بتخلّيها عنه.

 

يقول قائل: لقد تمكّنت الولايات المتحدة –قبل ذلك- من اغتيال زعيم تنظيم القاعدة في 2-5-2011 . والجواب بسيط: هذا الرجل تمّ اغتياله في باكستان، وبسيناريو مشابه، زمن المراوحة بين برويز مشرف ونواز شريف على السجن وعلى رئاسة الحكومة (بين الشريفيْن وفي الاتجاهيْن).

 

مثال آخر على غدر السياسي: اغتيال الخاشقجي والمعركة التي تزعّمها "السلطان"  للدفاع عن المغدور ولسنوات، ثمّ –ومنذ شهر- فرشه السجاد الأحمر للقاتل في آخر عاصمة للخلافة الإسلامية.

 

والسلام، عثمان الدرويش

مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها

03 / 08 / 2022

  

mardi 2 août 2022

نعم للتنديد بإرهاب جماعة، ولكن ماذا عن إرهاب الدولة؟

.
نعم للتنديد بإرهاب جماعة، ولكن ماذا عن إرهاب الدولة؟
أو بين ليلى العطار وشارلي ايبدو

هرول أمس (11/01/2015) ملوك ورؤساء وزعماء من أصقاع العالم لمسيرة مليونية في قلب باريس للتنديد بالاعتداء الغادر الذي تعرّضت له صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية لنشرها رسوم مسيئة للإسلام. الاعتداء قام به شخصان يتبنيّان فكرا إيديولوجيا متطرّفا. والمشاركون في مسيرة الجمهورية أمس اتّخذوا موقفا إنسانيّا نباركه، ولكن لنقارن...

بعد العدوان الثلاثيني على العراق سنة 1991، وخلال فترة الحصار الظالم الذي فرضته فرنسا وحلفاؤها على الشعب العراقي، قامت ليلى العطار برسم صورة لجورج بوش الأب على أرضية مدخل نزل الرشيد في بغداد حتى يدوسها الداخل والخارج للنزل. هذا الرسم أغضب الولايات المتحدة الأمريكية، فقامت سنة 1993 وفي نفس التوقيت: بغارة جويّة على مدخل الرشيد ومنزل الرسّامة ليلى العطار التي قضت مع أفراد عائلتها وبعض عمال النزل بصواريخ الدول المتحضّرة. ولم نسمع بإدانة من أحد الرسميين المُتشدّقين اليوم بحقوق الإنسان وحريّة الفكر.
وهذا رابط فيديو يروي عملية القصف واستشهاد ليلى: https://www.youtube.com/watch?v=c__ypMS8imE

حاشية: في تلك الليلة، ليلة قصف نزل الرشيد، صادف أن ألغت نقابة التعليم الابتدائي إضرابا قطاعيّا للمعلّمين، كان مُقرّرا لليوم الموالي. ولكنّي من الغد كُنتُ المضرب الوحيد –على الأقلّ في المدرسة التي كنت أعمل بها-. ولمّا سألني زملائي يومها: ألم تعلم أنّ الإضراب تمّ إلغاؤه. أجبتهم: لم أعد مُضربا لتحسين وضعية أو طلبا في زيادة أجر، أنا اليوم مُضرب عن العمل تنديدا بقصف أمريكيا لبغداد، وتضامنا مع ضحايا نزل الرشيد.

وها قد جاءت المناسبة اليوم (12/01/2015) لأدوّن موقفي هذا بكلّ اعتزاز.
والسلام، عثمان الدرويش
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
12/01/2015

lundi 1 août 2022

حول نيّة دفع البلاد من جديد إلى متاهة الدساتير

حول نيّة دفع البلاد من جديد إلى متاهة الدساتير


:نقول

كلّ الدساتير جيّدة في نشأتها... وإنّما الشيطان يكمن في التفاصيل


وبما أنّكم من جنس الشياطين... فإنّنا لا نأمنكم على أيّ دستور


...ولنا عودة للتفصيل

والسلام، عثمان الدرويش

10 / 09 / 2021

مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها

 

dimanche 31 juillet 2022

تعرف إيه عن "الشرعيّة " يا مواطن؟

.
تعرف إيه عن "الشرعية " يا مواطن؟

                كثر الحديث في الأيام الأخيرة الماضية عن موعد 23 أكتوبر 2012 كتاريخ انتهاء شرعية المجلس التأسيسي والحكومة الحالية. فهل تنتهي هذه الشرعية يوم 24 أكتوبر 2012 الساعة 00:00؟
وقبل تحديد مدّة صلاحية الشرعيّة لابدّ من تحديد مصطلح "الشرعية" نفسه. بحثنا في ذاكرتنا الجمعية عن أمثلة للقياس عليها:

·        هل كان "تحوّل" 7 نوفمبر 1987 شرعيّا؟
·        هل كان اعتلاء محمد الغنوشي سدّة الحكم بعد إقالته يوم 14 جانفي 2011 من طرف ابن علي، وقبل فرار الأخير، هل كان ذلك شرعيّا؟
·        هل كان تنصيب فؤاد المبزّع نفسه رئيسا للبلاد، بعد الرقص بين الفصليْن 56 و57 من الدستور، هل كان ذلك شرعيّا؟
·        هل كان شرعيّا "تعطيل أو إلغاء" الدستور يوم 5 مارس 2011 من طرف المبزّع يومها؟
·        هل كان التلاعب بالأصوات في أكثر من مرّة في جلسات المجلس التأسيسي شرعيّا؟
·        هل كان شرعيّا تقديم مسودّة دستور غير المتّفق عليها، وبعد أن حذف مقرّر لجنة الدستور نقاط الاختلاف من المسودّة، من تلقاء نفسه؟
·        هل جاءت المهام التي يقوم بها المجلس التأسيسي في إطار الشرعية، شفّافة في حدود صلوحيته الأصلية أم أنّه انقلب على الشعب ليصير برلمانا عاديّا؟
وهذا رابط خبر لوكالة تونس إفريقيا للأنباء عن: رفع جهات لشكوى لدى المحكمة الإدارية ضد المجلس التأسيسي بتهمة تجاوز الصلاحيات الموكلة إليه:  http://www.tap.info.tn/ar/ar/2011-05-12-16-34-29/300-2010-12-17-16-30-30/34569--qq-q-q-.html
·        هل كان شرعيّا طرح موعد جديد للانتخابات القادمة يكون يوم 8 سبتمبر 2013، أي قبل أيّام فقط من يوم 23 أكتوبر واكتمال عاميْن اثنيْن بالتمام؟

                    نعرف أنّ الكثير سيصنّف النقطة الأولى تحت الشرعية الدستوريّة، والثانية شرعية وظيفية، والثالثة شرعية ثوريّة، والرابعة انتقاليّة، والأخرى توافقية، والتي بعدها أو قبلها شرعيّة أخلاقيّة أو شعبيّة الخ الخ...

                  وما دامت "الشرعية" ضبابية بهذا الشكل، قابلة لكلّ هذه التأويلات، حمّالة أوجه متعدّدة ومتضاربة، فمن حقّنا أن نسأل. وعلى رأي مرسي بن المَعلَّم زيناتي في مدرسة المشاغبين: فين هيّ الشرعيّة؟؟ نحن نحطّ أيدينا عن الشرعية تلقانا فُرّيرة، نجيب على طول عن سؤال: هل تنتهي الشرعية عشيّة 23 أكتوبر 2012 أم لا؟
  
وإذا كان لابدّ من إجابة عن الموضوع الذي نحن بصدده فإنّنا نجيب بمقطع من هذه الأغنية: http://www.youtube.com/watch?v=v0fGS9ClvTY

[ ماأحد شرعي غير الشعب، وغيرُه ما فيه شرعية ]
مع تحيات خواطر وآراء
12-09-2012
.

samedi 30 juillet 2022

موقفنا من حركة تمرّد-تونس أو لعبة الثورة

.
موقفنا من حركة تمرّد-تونس أو لعبة الثورة

استبشرنا خيرا بانتخابات 23 أكتوبر 2011 وساهمنا فيها لاعتلاء أحد أحزاب الترويكا سدّة الحكم. امتثلنا لهدنة الستة أشهر التي طالب بها رئيس الجمهورية الثانية والتزمنا طوالها الحياد. انحرف المجلس التأسيسي عن مساره ثمّ انقلب على ناخبيه. عجز القضاء عن انتزاع استقلاليته وفشل في محاسبة رموز الفساد في عهديْه البائد والحاضر. انقضّت الحكومة –بقلبها النهضوي- على السلطة وراحت تُشبع غرائزها الدفينة. فتعثّرت خطواتها وانكشفت عوراتها.

انتهت مدّة الهدنة، فخرجنا عن صمتنا وتوجّهنا –من خلال العالميْن الافتراضي والواقعي- بالنصح ولفت الانتباه لأخطاء ارتكبها الحاكم النهضاوي وأنصاره والمحسوبون عليه، فتجاهلنا الجميع. توالت أخطاء الحاكم وأنصاره و"مُؤدلَجوه"، وعندما انتقدنا تلك التصرّفات سخر منّا الكثير. تواصلت تجاوزات الحاكم النهضاوي ومريدوه وارتفعت حدّتها، وعندها أعلنّا رفضنا القاطع لهذه الجماعة الانتهازية الحاكمة بمجلسيْها التنفيذي والتشريعي. وقد اقتصر نقدنا وحتى سخطنا على أعضاء السلطتيْن التنفيذية والتشريعية بصفتهم الوظيفية، لا كأشخاص طبيعيين. فلم نمسّ مرّة من ذواتهم، ولم نُشكّك يوما في وطنيّتهم. ورغم ذلك، فقد عادانا البعض وحاربنا البعض الآخر.

وأمام انقلاب نواب التأسيسي على الشعب وعجز أعضاء الحكومة على تنفيذ أبسط غايات الثورة، كان من البديهيّ أن نصطفّ بالجهة المقابلة غير الحاكمة. فانحيازنا –ماضيا وحاضرا ومستقبلا- لاتحاد الشغل كان لاعتقادنا الراسخ أنّه الجهة الوحيدة المؤهّلة لتحجيم السلطة، أيّة سلطة. ووقوفنا إلى جانب اليسار المعارض لم يكن جهلا منّا لإيديولوجيته الماركسية اللينينية المرتكزة على الشيوعية، وإنّما جاء ردّ فعل طبيعيّ على ظهور إيديولوجية أصولية مقابلة. وقبولنا لتكتيكات جبهة برغماتية هي خليط من العَلمانيين والحداثيين والليبراليين لا يعني إيماننا بركيزة عنقاء ديمقراطيتهم وهي: الشعب مصدر السلطات. وإنّما كان لتعرية الحزب المُتحكّم في السلط الثلاث والمُتقمّص زورا دمقرطة الإسلام.

واليوم 02/07/2013، علمنا أنّ جهات لم نتبيّن بعد هويتها تدعو لإنشاء حركة تمرّد نسجا على المنوال المصري. هدفها رفض مشروع الدستور الجديد وإسقاط المجلس التأسيسي وجميع السلط المُنبثقة عنه. نحن نعلم أنّ مشروع الدستور صار كوِعاء قضاء الحاجة لرضيع –أعزّكم الله- وأنّ غالبية الشعب –ونحن منهم- في حالة إحباط شديد. وقد قلنا في عجز الحكومة وخيانة التأسيسي ما لم يقله مالك في الخمر. ولكنّ الأمر أصبح مُختلفا اليوم.

فالدستور الجديد مهما بلغت التوافقات حوله لا يعنينا في شيء. فتنقيحات الحاكم المستقبلي لبنوده والقوانين الإجرائية التي ستضبط مجال كلّ فصل من فصوله هي التي ستحدّد مدى صلاحية هذا الدستور أو درجة فساده. أمّا الصراع الدائر الآن حوله هو صراع نفوذ وتنازع صلاحيات لا تعنينا كثيرا.  و"الحقوق الكونية" للمواطنين أو "حرية الضمير" كما نصّ عليها المشروع الحالي ليست سوى حقوق ينتزعها بعض الشعب من بعضه الآخر: الطفل من أبيه والأجير من مؤجّره والأنثى من الذكر والمرأة من أسرتها... وأمّا واجب الدولة والسلط في كلّ ذلك فقد اكتفى دستور المستقبل بالتنصيص أنّ وظيفة الحاكم ستقتصر على إنشاء البنية التحتية وتقديم الأدوات الضرورية أي توفير كلّ ما هو مبسّط فقط.

أمّا عن إسقاط المجلس التأسيسي وجميع السلط المُنبثقة عنه، فهذا سيترتّب عليه تعويض أشخاص فاشلين في قصور باردو وقرطاج والقصبة بآخرين مجهولين. وبقطع النظر إن كان المُعوّضون من صحابة رضا بلحاج الأصولي أو من أصحاب رضا بلحاج البراغماتي فسيُقدم هؤلاء أنفسهم للشعب على أنّهم منقذو الوطن وحماة الحمى والدين، وستنطلي علينا. ثمّ وبعد سنة ونصف السنة نكتشف أنّ نسخة ذلك كانت كذلك، أو ربما جاء البديل أسوأ من سابقه. وعندها علينا أن نقوم بثورة ثالثة لتصحيح المسار من جديد.

ولكن لو صبرنا على النخبتيْن الحاكمة والمعارضة على حدّ السواء مع مواصلة بل وتكثيف الضغط عليهما لاختصرنا المرحلة الانتقالية وخرجنا منها بخسائر أقلّ من الانزلاق إلى ثورة جديدة لم تتوفّر أدنى مقوّماتها. وإذا أصرّ البعض –هذه اللحظة- على التمرّد على أشخاص أوصلهم المُتمرّدون أنفسهم  لمنصّة السلطتيْن التشريعية والتنفيذية، فستكون الهزّات الارتدادية لهذا التمرّد –لا قدّر الله- أكثر ضررا من عدم التغيير نفسه.

والسلام، عثمان الدرويش
02 / 07 / 2013
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

غُرّة العام الجديد –تتمّة


غُرّة العام الجديد –تتمّة
الاحتفال برأس سنة شمسية كانت أم قمرية، فموقفنا واحد 

الحمد لله وحده 
يقول الحقّ في كتابه العزيز: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) آية 189 البقرة 
فالأشهر والسنوات هي مواقيت للناس ليعلموا عدد السنين والحساب. والعِلم هنا والله أعلم ليس مجرد الإحساس بمرور حدث في الزمن عبر حركة فيزيائية للأرض، بل هو حالة وعي الإنسان بذاته وسط حركة دوران الأرض.

·        وفي هذا المجال ورد في موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية حديث للرسول صلّى الله عليه وسلّم رواه ابن ماجة: [ لا بُورِك لي في يومٍ لم أزدد فيه من الله قُرْباً ] فتهنئة المسلمين من العامّة بعبارة: (ربي يُحييكم لأمثاله) هي مُجانبة للصواب، إذ الفرحة ليست بعدد السنين التي عاشها العبد وإنّما بما قضّاه من تلك السنين في التقرّب إلى الله سبحانه. فكم من إنسان طال عمرُه، وساء عملُه. هل هذا يكون كلّ عام وهو بخير؟؟!!! أيّ خير لهذا، وهو كلّما تقدّمت به السنون ازداد بعدا عن الله. فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة خالقه تعالى، شرّ لمن قضّاها في معصية ربّه سبحانه. 

·        بلوغ العبد شهر الله المحرّم هو موعد لأداءِ أصل من أصول الدين وهو إخراج زكاة المال وعروض التجارة وما شابههما –طبعا بشَرطيْ بلوغ النصاب ومرور الحوْل- وبلوغ الحوْل هذا لا يكون إلاّ حسب السنة الهجرية. أمّا الاعتماد على السنة الميلادية فهو رخصة أي استثناء، وعندها يجب أن تتحوّل النسبة من2.5 بالمائة إلى2.577 بالمائة. وتُخرج القيمة على الفور وبدون تراخ ولا تُخصم منها الأداءات والضرائب.

·        بلوغ العبد غرّة العام الهجري تذكرة له بهجرة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقوله لصاحبه الصدّيق رضي الله عنه: ما ظنّك باثنيْن، الله ثالثهما  /و/ لا تحزن إنّ الله معنا  أي تذكرة بـ: الإيمان بالغيب  /و/ والثقة بالمستقبل ، طبعا مع الأخذ بالأسباب تماما كفعله صلّى الله عليه وسلّم. 


فبلوغ المؤمن لعام جديد ليس مناسبة للاستهلاك الفاحش واللهو المشبوه، وإنّما هو فرصة أتاحها الله له ليُقيّم -استعدادًا لآخرته- ما قدّم من أعمال خدمةً لدينه وإعمارا لدنياه. ويُجدِّد إخلاص النيّة لله وحده فيُحسن فيما بقي حتّى يغفر له الله ما مضى. والله أعلم

والسلام، عثمان الدرويش
    مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
    25 / 11 / 2011       
 .  

vendredi 29 juillet 2022

غُرّة العام الجديد



غُرّة العام الجديد
الاحتفال برأس سنة شمسية كانت أم قمرية، فموقفنا واحد    

الحمد لله وحده

جاء في {المنجد في اللغة والأعلام} غرّ الشيء أي ابيضّ. والغُرّة ج. غُرر/ وغرّة الفرس هو بياض في جبهته.


فالعام الهجري والشهر منه لا يثبت إلاّ بطلوع بياض في السماء هو هلال الشهر . على عكس الشهر الميلادي أو الشمسي، فالمرء لا يلحظ تغيُّرا لشكل الشمس بين اليوم الأخير –مثلا- من شهر نوفمبر وأوّل يوم في ديسمبر. زيادة على أنّ موعد دخول الشهر الشمسي معلوم وثابت، ولا يحتاج لثبوت رؤية كالشهر القمري. لذلك نقول غرّة محرّم وأول ديسمبر.

ولقد أردنا بهذا التعريف الحثّ على التدبّر في ملكوت الله تعالى، بل وجوب تطّلع المسلم إلى السماء مرّتيْن في السنة على الأقلّ: [صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته] 
أجمع المؤرّخون على أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أوّل من اعتمد العام الهجري للتأريخ وذلك بعد ستة عشر سنة من هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وقد اتّفق فقهاؤنا أن لا أصل للاحتفال بغرّة العام الهجري في السُنّة الشريفة، ولم يُنقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم. وبناء عليه فقد حرّم بعض الفقهاء الاحتفال بحلول العام الجديد، واختلفوا في مشروعية التهنئة به بين المسلمين. 

والرأي الذي نُرجّحه والله أعلم، أنّ للمسلمين عيديْن اثنيْن –فطر وأضحى- ولا يصحّ سنّ مواعيد محدّدة في الزمن للاحتفال. أمّا التهنئة خارج هذيْن العيديْن إن كانت ظرفية -لا دورية- أي بمناسبة ما كنجاح أو زواج أو ما شابههما فلا إثم فيها، ولعلّ صاحبها يكون مأجورا لإدخاله السرور على أخيه المسلم.

والحلّ العملي الذي نراه والله أعلم هو عدم جواز تخصيص هذا اليوم بالاحتفال، مع استحباب ردّ التحيّة على المُبادِر بالتهنئة. هذا باختصار شديد.

ولكن ما حالنا نحن المسلمين مع غرّة العام الجديد...يتبع بإذن الله.


والسلام، عثمان الدرويش
    24 / 11 / 2011    
    مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.