Pages

Nombre total de pages vues

jeudi 5 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/17


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/17/ أول أيام الحسم الخمسة

انتشرت نار التمرّد في هشيم النظام خلال الأسبوع الأول من شهر جانفي. وقد تفرّعت قبل اليوم أي الإثنين 10 جانفي 2011 إلى قسميْن:
·        الأول هو احتجاجات فمظاهرات ثمّ انتفاضة انطلقت من ولاية سيدي بوزيد (سيدي بوزيد فمنزل بوزيان) ومنها إلى القصرين وقفصة ثمّ إلى بقية الولايات الداخلية الأخرى. وكانت الخسائر المادية والضحايا البشرية لحدّ اليوم، محصورة في هذه المناطق بالذات.
·        أمّا القسم الثاني فهو وقفات مساندة داخل البلاد وخارجها

 1 - ففي الخارج كانت المساندة –والتي انطلقت متأخّرة بنصف شهر على الأقل- محصورة في خروج البعض من الجالية التونسية والمدعومة هي نفسها بجاليات من جنسيات أخرى. يتجمّع هؤلاء (والذين حصلوا فيما بعد على 7% من مقاعد المجلس الـتأسيسي) في مجموعات لا تتعدّى بضعة عشرات من المساندين أمام سفارات تونس بكلّ تحضّر ومدنية، تحت حماية شرطييْن أو ثلاثة من الغرب المتحضّر هو أيضا. أمّا مثقفّو الجالية فقد اختاروا قصف ابن علي بمقالات نارية مُوجّهة عن بعد من وراء البحار.

2- أمّا مساندة الداخل، فقد انطلقت من الاتّحادات الجهوية للشغل مسنودة هي الأخرى ببعض منظمات المجتمع المدني كرابطة حقوق الإنسان/ وإنصاف وحرية/ والدفاع عن المساجين السياسيين وحزب سياسي واضح هو(ب.د.ب)، ثمّ بعدها التحق المحامون والطلبة والتلاميذ.
والآن، دخلت على خطّ المساندة أطراف جديدة كالصحفيين والفنانين وغيرهم. هذه المساندة الداخلية اختلفت عن أخواتها في الخارج كمّا وكيفا. إذ عرفت بمرور الأيام تصعيدا تدريجيا، وإن لم يكن في عدد المحتجّين، ففي وتيرة الاحتجاجات ونوعية الشعارات المرفوعة (الفيديو المصاحب)
في بنزرت، بعد خرجة 23 أو 24 ديسمبر 2010، كان يوم الإثنين 10 جانفي 2011 أول يوم في شهر جانفي يتمكّن فيه المحتجّون من الخروج للتظاهر في مدخل الاتّحاد الجهوي للشغل ببنزرت.

·        فتحوّل شعار: من بنزرت لبن قردان شعب تونس لا يُهان  /إلى/   ابن علي يا جبان شعب تونس لا يُهان  /ثمّ إلى/   ابن علي يا سفّاح، يا قتّال الأرواح
** ولم أنخرط في هذا الشعار نتيجة خوفي (الصورة المصاحبة) في تلك اللحظة من العواقب.

·        وتحوّل شعار: يا بوليس فيق فيق، ويني فلوس الصناديق  /إلى/  يا بوليس أُوه عليك الحجّامة تحكم فيك
**ولم أنخرط في هذا الشعار إيمانا منّي بأنّ تدخّل زوجة رئيس في السياسة مرفوض أصلا بقطع النظر كانت الماجدة حرمه حلاّقة أو دكتورة

·        صف واحد في النضال، تلامذة وطلبة وعمال
·        يا شهيد لا تهتم، الحرية تفدى بالدم
·        بالروح بالدم، نفديك يا شهيد
·        يا مواطن يا مسكين، قتلوا خوك في القصرين
·        يا شهيد ارتاح ارتاح، شعبك ماض في الكفاح
·         تونس تونس، حرّة حرّة، والعصابة على برّه
·        حريّات حريّات، لا رئاسة مدى الحياة
·        يسقط نظام السابع، مجرم وعميل وتابع

 وللظروف سابقة الذكر اعتبرنا أنّ هذا اليوم 10 جانفي 2011 هو أول أيّام الحسم الخمسة. إضافة لكونه تناسب مع حدثين:
الأول نقابي وهو بداية الإضراب عن العمل في بعض الجهات، حسب قرار الاتّحاد العام التونسي للشغل الذي رخّص للاتّحادات الجهوية في الدعوة للإضراب عن العمل وموعده كلّ حسب ظروفه.
والثاني حكومي، وهو تعليق الدراسة في كلّ المدارس والمعاهد والجامعات في البلاد.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش                 
نسخة 10 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها

.

mercredi 4 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/16


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/16
 بارقة أمل في غبار المعركة

ما زلنا في الأسبوع الأول من شهر جانفي، وقبل تعطّل الدروس وخطاب ابن علي الثاني. لقد قلنا فـ15ـي لقد أصبح الكلّ مكشوفا. صحيح أنّ الانتفاضة الدائرة -وإلى حدّ الآن- قد حقّقت نتائج إيجابية على الأرض. وأهمّها الهزيمة المعنوية لنظام ابن علي، التي جعلته يقدّم التنازلات العديدة. لكن مع ذلك، كان هدفنا الأكبر نحن البعيدين على ساحة المعركة –أو هكذا كنت أعتقد- هو إرباك الحاكم وتخفيف الضغط على الثوار في المناطق المشتعلة، وذلك بمناوشته لتوسيع رقعة الزيت.

فكثيرا ما كنت أُسأل في هذه الفترة وحتى يوم 14 جانفي عمّا ستؤول إليه الأحداث. فأجيب: الرجل ما زال قويّا /  بيده الكثير من الأوراق والتي لم يستعملها لحدّ الآن:
·        ففي خانة الجزرة، كنت أتوقّع منه تطعيم الحكومة برجال شرفاء، أو حلّ مجلس النواب لإعادة الانتخابات وإقحام المعارضة فيه، بل كنت أتوقّع حتى أن يُعلن طلاقه من الطرابلسية.
·        وفي خانة العصا، ابن علي –على الأقل في المناطق الباردة نسبيا- لم يستعمل كلّ قوّته ضدّ المحتجّين مقارنة بأحداث سابقة حسب متابعاتي. وخاصّة إذا ما أوكل للجيش مهمة استرجاع هيبته الشخصية. وكان في ذهني التصرّف المعتاد للجيش في هكذا حالة. [وسنعود للحديث عن الجيش بحول الله في مواضع أخرى] لكنّ الله سبحانه وتعالى يسّر للشعب المضطهد في حينها أسبابا أخرى.

وعَرف هذا الأسبوع قبسات أمل:
·        كانت الأولى عبر كلمة استثنائية خارج سلسلات الفيديو التي عوّدنا عليها المنصف المرزوقي المناضل سابقا من أجل الجمهورية. وكنت دوّنت تلك الكلمة يومها على ورق لأقرأها على غيري. قال المرزوقي يومها مُتحدّثا عن ابن علي: [يجب أن يذهب هذا الرجل هو وزجته معه ويأخذ معه أصهاره ويذهبوا إلى حيث سرقوا فلوسنا وليتمتّعوا بها ولن نُطالبهم بشيء. ثمّ يجب أن يخرج علينا حقيقة من داخل هذا النظام شخص أو أشخاص يستطيعون الحوار الحقيقي الجديّ مع مُمثلي هذا الشعب. وآن ذاك نبني مرحلة انتقالية ثمّ تنظيم انتخابات حقيقية.] انتهى كلام المرزوقي. وكان هذا في الأسبوع الأوّل من شهر جانفي. غير أنّ المرزوقي صعّد من خطابه  يوم 13 جانفي حيث قال: [كنتُ من قبل قد طرحت على الرجل الرّحيل ولكن الآن، وبعد سقوط ضحايا فلا بدّ من مُحاكمته].

·        أمّا الثانية فقد أومضت من بطحاء محمد علي، بعد مكتب تنفيذي لاتّحاد الشغل يوم 8 جانفي 2011. يومها أطلّ علينا عبيد البريكي صاحب لن الزمخشرية (الصورة المصاحبة) بخطاب حماسيّ سيُسجّله له التاريخ –أي قبل 6 أيام من رحيل ابن علي-. هذه الإطلالة ذكّرتنا بخروج أمين عام الـ"cisl"ـ الإيطاليّ الجنسية على ما نعتقد، من نفس الشرفة يوم الثلاثاء 24 جانفي 1978 ليُساند المرحوم الحبيب عاشور الأمين العام لاتّحاد الشغل وقتها وليشُدّ من أزرنا في مواجهة ديكتاتورية بورقيبة –أي قبل يوميْن من الخميس الأسود.

·        والثالثة كانت فيديو لمجموعة من الشباب أعتقد أنّه قادم من المناطق الحارّة: مجموعة من الشباب يُنزلون صورة ضخمة لابن علي من واجهة إحدى البنايات، ثمّ يحرقونها في جوّ احتفالي /الشريط المصاحب:

لقد بدأت الإشارات المُشفّرة الدالة على نهاية ابن علي تتوالى، وإن لم نكن قادرين وقتها على فكّ رموزها.   

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش                 
نسخة 09 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

mardi 3 janvier 2023

قصة فاضل وسعيد


.
 قصة فاضل وسعيد // إمضاء محمد بحر

حتى نُذكّر بانتفاضة الاتّحاد في الخميس الأسود 26 جانفي 1978 وضحايا انتفاضة الخبز 3 جانفي 1984

هذا الشهر ... متى يرحل
ينهمر الرصاص في كلّ الشوارع
ولمن يريد شهيد ... هذا فاضل، هذا سعيد

هذا القهر ...متى يرحل
يسيل الدم في كل المزارع
ولمن يريد شهيد ... هذا فاضل، هذا سعيد

القلب على اليسار... والنار تشتعل
وفاضل يصرخ، يصرخ... لا للفرار

تستقرّ الرصاصة ... في القلب العاشق
 في القلب العاشق ... ويسقط القرنفل

سينتهي الحزن ... وينتهي البكاء
ويُزهر الأمل ... ولحن الوفاء

لفاضل غنّوا كلّ الغناء ... وازرعوا القرنفل على الشرفات

أقسم...أقسم...أقسم    بدمائك الطاهرة
أقسم...أقسم...أقسم   وبقلبك الجريح
أقسم...أقسم...أقسم   أنّني سأثأر ......أنّني سأثأر......أنّني سأثأر

مع تحيات خواطر وآراء
01-01-2012
.

لكنّ سعيدا لا بواكي له


.
لكنّ سعيدا لا بواكي له [قصّة سعيد ماسح الأحذية -حقيقية-] يرويها الفنان محمد بحر

حتى نُذكّر بانتفاضة الاتّحاد في الخميس الأسود 26 جانفي 1978 وضحايا انتفاضة الخبز 3 جانفي 1984

يدور في الشوارع....يدور في الشوارع....ويقتات من الطريق
يدور في الشوارع....يدور في الشوارع....ويقتات من الطريق
ماسح الأحذية...ماسح الأحذية...ماسح الأحذية...ماسح الأحذية

وهم أصحاب المعامل.... يًشيّدون المعامل
وهم أصحاب المعامل.... يًشيّدون المعامل
ويُصبحون وزراء...وزراء...وزراء...وزراء...وزراء

وتبقى أنت تمسح...وتمسح...وتمسح
حتى يمسحوك...حتى يمسحوك...حتى يمسحوك..حتى يمسحوك...

ما ذنبك يا سعيد........ما ذنبك..ما ذنبك
أن تكون ماسحا.........ما ذنبك..ما ذنبك
وأن تُصيبك رصاصة طائشة....وأن تُصيبك رصاصة طائشة

فتموووت....فتموووت...فتموووت...فتموووت...فتموووت

ولن تبكيك سوى أمّك...عجوز طيبة
اسمها.. اسمها..اسمها..اسمها..اسمها..خضراء....اسمها..خضراء

ويحملوك على الأكتاف رفاقك....
بعد أن يلفّوك...بعد أن يلفّوك...بعد أن يلفّوك...بعد أن يلفّوك. الرداء

أنا لن أنساك يا سعيد ولن تنساك خضراء
أنا لن أنساك يا سعيد ولن تنساك خضراء ...ولن تنساك خضراء...ولن تنساك خضراء

الفيديو من 

مع تحيات خواطر وآراء
29-12-2011
.

lundi 2 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/15


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/15/ غياب الحراك المنهجي

 تذكير بالمقدّمة: 
هذه المقاربة هي وجهة نظر اعتمدت المعاينة الميدانية للفعل الثوري وبالتالي فهي لا تخلو من انطباعات ذاتية، ومواقف شخصية. غير أنّها ارتكزت على ميثاق شرف، هو إشهاد الله على صدق أحداثها.

هي لا تستجيب لشروط الدراسة العلمية ولا ترقى إلى درجة الوثيقة التاريخية وإنّما هي ومضات تكشف جوانب من المشهد الثوري بإنطاق الزوايا الصامتة فيه.

هي مساهمة سردية – معطياتها متناسقة أحيانا، متنافرة أحيانا أخرى- لضخّ رأس مال رمزيّ يُساعد على ترميم الذاكرة الجماعية من جهة، ويُخلّصها من هيمنة طرفيْن أساسيْن [أحدهما بسيط(ديني)، والثاني مركّب(عَلماني-عَولمي)] متصارعيْن لبناء ذاكرة مُسلّحة بإسمنت الإيديولوجيا. والله وليّ التوفيق
---------------------------------------------
مازلنا بالأسبوع الأول من شهر جانفي 2011 الاحتجاجات تتصاعد في المناطق الداخلية، وخصوصا في تالة والقصرين: * اصطدامات عنيفة بين البوليس والشباب المتمرّد، الراغب بعضهم في التحوّل إلى ليبيا حيث الإغراءات القذافية. * دعم واضح قوي للانتفاضة من طرف المحامين انطلاقا من القصرين، ثمّ في العاصمة. * الفوضى بدأت تعمّ المعاهد والجامعات. فهذا الشريط العادي جدّا هذه الأيام -مثلا، كان يُتداول على صفحات الفايس بوك باعتباره تحدّ صارخ للحاكم: http://www.youtube.com/watch?v=Ep7r3zBtw8E&context=C3e09eaaADOEgsToPDskL_aQNEpQuiM3WhrA3mKIty  * الإعلام الرسمي يعترف بسقوط 21 قتيلا، نافيا بذلك الأعداد المرتفعة للضحايا المعلن عنها في وسائل إعلام أجنبية.

ومع ذلك، فقد كانت الحياة شبه طبيعية في العاصمة والجهات الباردة، أي البعيدة جغرافيا عن مناطق الوسط المنتفضة وذات الحرارة المرتفعة. ففي بنزرت، وبعد مرور ثلاثة أسابيع لم يتغير الوضع كثيرا على الأرض: احتجاجات محدودة في المكان والزمان ببعض المعاهد لبعض الوقت، ووقفات مساندة بمدخل الاتّحاد الجهوي للشغل أو داخله –حسب يقظة البوليس-. أعداد المتظاهرين خلال كلّ هذه المدّة كان غالبا في حدود المائة شخص –قد تزيد أو تنقص بعض الشيء- لم توضع خطّة تحرّك ولم تُرفع لافتات ولا مطالب مدروسة (الصورة المصاحبة:وإن كانت في نفس الإطار العام، فهي صورة شهر جانفي 2009 لمساندة غزّة).

الجميع –حسب النقاشات الدائرة بين المتظاهرين- يعتقد أنّ ابن علي يُناور ربحا للوقت، حتى وإن أظهر بوليسه نوعا من اللين. وما دامت المحاسبة آتية لا شكّ فيها، فلا سبيل إلاّ إرباك الحاكم بتوسيع رقعة المعركة وتخفيف الضغط على منتفضي المناطق الساخنة.
بعد ارتفاع وتيرة مقاطع الفيديو التي كانت تنشرها وسائل الإعلام الأجنبية وفي مقدّمتها قناة الجزيرة بدون منازع، أصبح الكلّ مكشوفا حاكما ومحكوما. لذلك صرتُ لا أغادر المنزل، ثمّ البلدة إلاّ بعد عمليات تمويه متنوّعة: كتغيير الطريق أو موعد خروجي لبنزرت. ولمزيد الاحتياط أصبحتُ أتسلّح في كلّ مرّة ببعض المال لوقت الحاجة، وببعض الوثائق لتبرير أسباب توجّهي للمدينة، إن لزم الأمر.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش                 
نسخة 08 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

samedi 31 décembre 2022

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/14

.
مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/14/ في حضرة فلسطين –تتمّة

أصبحنا في ذات جمعة من أوائل شهر جانفي 2009 وأصبح الملك لله، تلاميذ ومعلّمون يدخلون المدرسة فيدوسون نجمة الصهاينة المرسومة على الأرض [ولاتزال أثار الحبر الأزرق إلى اليوم عالقة بأسفل الخدّ الأيمن للباب الفرعيّ للمدرسة]. كانت المشاعر مختلطة متضاربة. بعض الصغار يخرجون من المدرسة ليتمكّنوا ثانية من عفس شعار العدوّ -شماتة وربما تقليدا-. وبعض الكبار ينظرون من طرف خفيّ -حيرة وربما خوفا-. وفي فترة الراحة للعاشرة صباحا، وبعد أن عرضت الأمر على تلاميذ القسم ليكونوا على دراية بمستقبل الأحداث. خرجوا وخرجتُ معهم ونحن ننادي [غزّة غزّة/ رمز العزّة]. انضمّ إلينا كلّ التلاميذ من القادمين والمغادرين. بقيتُ مع الصغار –فترة الراحة فقط- نجوب الساحة ذهابا وإيابا نهتف لغزّة وثوّارها. وبقي "العقلاء" من الكبار جانبا، وقد اكتفوا بمتابعة المشهد بعيونهم، وحتما بمشاعرهم.

بعد منتصف النهار، حان موعد صلاة الجمعة. كانت مجريات الأحداث في واد وخطبة الإمام في واد آخر. وما إن فرغنا من الصلاة حتى صحت: [غزّة غزّة/ رمز العزّة] كررتها مرّة ومرّات. فلم يستجب أحد. تساءلتُ، ربما أخطأت في اختيار الشعار، فأنا وسط مسلمين مؤمنين مصلّين. غيّرت النداء بسرعة وصحت: [لا إله إلاّ الله/ والشهيد حبيب الله] كررتها مرّة ومرّات. فلم تكن النتيجة أفضل من سابقتها. بل ساعتها كان الكثير قد غادر المسجد، والبعض من –المستنهضين لاحقا- قد حمل حذاءه في يده ربحا للوقت. انتهى المشهد الهزلي، واقترب منّي بعض المُصلين وهم يواسونني ويلومون أنفسهم. وقد بلغني فيما بعد أنّ بعض المصلّين كان قد استجاب لندائي، لكن بين طيّات ثيابه.

ولعدم الإطالة، نمرّ إلى الجمعة الموالية. فالعدوان الصهيوني متواصل. والأطفال أصبحوا أكثر اهتماما بالمسألة. كانوا يستوقفونني متسائلين: [وقتاش سيدي نعاوْدُوا غزّة غزّة]  فأحتار....هل أُخبرهم بما يجهلونه...؟
كان 11 جانفي على الأبواب،11 جانفي هو يوم "العيد الوطني للطفولة" في عهد ابن علي، وسياستنا التربوية الرشيدة ترتكز على الوضعية الدّالة وتنصّ على استعمال المثيرات العصرية. فطلبت من المتسائلين من الأطفال إعداد بحوث وصور تتناول عيد الطفولة في غزّة مقارنة ببقية الدول. في نفس الزمان والمكان وبنفس الشخصيات كان الاحتفال بعيد طفولة غزّة. لكن هذه المرّة كانت التظاهرة أكثر تنظيما. فالكثير من الصغار استعدّوا للمناسبة بصور المجزة (الصورة المصاحبة). وألقى بعضهم في الساحة على الحاضرين أدعية وقصائد. وبقي "العقلاء" من الكبار جانبا، وقد اكتفوا بمتابعة المشهد بعيونهم، وحتما بمشاعرهم. ثمّ انتهى المشهد المدرسي.

بعد منتصف النهار، حان موعد صلاة الجمعة. وكالعادة، كانت مجريات الأحداث في واد وخطبة الإمام في واد آخر. وما إن فرغنا من الصلاة حتى كنتُ أوّل المغادرين. وقفتُ على الباب في صمت وأنا أرفع لافتة، كنت قد خبّأتها بين طيّات ثيابي، كتبت عليها:[ يتوضّأ العدوّ بدمائنا / ونحن نُمنع من الصلاة جماعة ] خرج المُصلّون فرادى وجماعات، كان القليل منهم يتوقّف للحظات لقراءة اللافتة، والأغلبية تمرّ مُسرعة دون التفاتة. ولم تكن نتيجة هذه الجمعة أفضل من سابقتها.

في جمعة الأسبوع الثالث وكان العدوان قد توقّف، وبنصيحة من صديق توقّفت عن تحريض الصغار والكبار. حلقت لحيتي وانتقلت للصلاة في مسجد آخر. ولو كنت أعلم أنّه لا يفصلني سوى 155 جمعة فقط لرؤية إسماعيل هنية في تونس على منبر عقبة بن نافع، /الشريط المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=829zFof1YiI&feature=share
 لما امتثلتُ لنصيحة الصديق.... ولكن ما شاء الله كان.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 06 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

vendredi 30 décembre 2022

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/13


مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/13/ في حضرة فلسطين

اليوم 5 جانفي 2012 وبحضرة فلسطين ممثّلة بيننا في شخص المجاهد الثائر إسماعيل هنية. إنّ خجلنا من أنفسنا يمنعنا اليوم من الاسترسال في الحديث عن الثورة التونسية، كيف يُمكن أن نُعدّد خسائرنا مقارنة بما قدّمته فلسطين من تضحيات. فأقلّ واجب علينا القيام به، إذا حضرت فلسطين بيننا هو الصمت. فالفعل هو الفعل الفلسطيني وحده، وما عداه هراء.

كيف يمكن لنا (اليوم 5 جانفي) الإطناب في الحديث عن وفاة محمد البوعزيزي –رحمه الله- وننسى استشهاد 5 فلسطنيين من عائلة واحدة وفي نفس (اليوم 5 جانفي) بقصف صهيوني على منزل في غزّة الصامدة. فنحن وإن كنّا بصدد الذكرى الأولى للثورة التونسية، لا يُمكن أن ننسى الذكرى الثالثة للعدوان الصهيوني على غزّة المجاهدة في مثل هذه الأيام من 2009. حيث سقط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح. هل يُمكن أن ننسى وائل الطفل الذي فقد عينيه الاثنتيْن(الصورة المصاحبة)؟ هل يُمكن أن ننسى جميلة التي فقدت رجليْها الاثنتيْن؟ هل يُمكن أن ننسى ذلك الصبي/الفيديو المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=wA-u8IqBMNk الطامع في حياة طبيعية كغيره من الأطفال.

في هذه الفترة من تلك السنة 2009، ساند الاتّحاد الجهوي للشغل ببنزرت –كعادته- فلسطين بفعاليات تظاهرية. جابت المسيرة يومها الشوارع الرئيسية كالعادة مُحترَمة، محفوفة برجال البوليس، مسبوقة كالعادة، بمسيرة تجمعيّة حتى لا ينفرد النقابيون –لوحدهم- بالعروبة والإسلام والإنسانية. كان يحدث ذلك في كلّ مرّة، رغم أنّ هذه المسيرات لم تكن تُشكّل خطرا على الحاكم لا في تونس ولا في غيرها من الدول العربية. فكيف يخشاها الحاكم؟ والمتظاهر يُطالب: في تونس، بفتح الحدود مع غزّة/ وفي سوريا بقطع العلاقات مع العدو الصهيوني/ وفي مصر بوقف تصدير النفط الخليجي. أي أنا وحاكمي على صواب، والخلل في الآخر. لهذا السبب ولأسباب أخرى كانت المسيرات المساندة لفلسطين تنطلق من الاتّحاد تدور في مسار معيّن -يتقلّص تدرجيا في كلّ مرّة عن سابقاتها- ثمّ تعود من جديد إلى المقرّ فرحة مسرورة.
------------------------------------------------

وفي تلك الفترة، أصدر الشيخ يوسف القرضاوي بيانا ينصّ على أن تكون تلك الجمعة يوم غضب في الوطن العربي والإسلامي. قلت في نفسي ليلة الجمعة: [ليعلم القرضاوي أنّ هناك شخصا في أقصى الأرض العربية الإسلامية قد لبّى النّداء] وكان هذا جوابي من بعد، للأصدقاء المتسائلين. خرجت ليلتها بعد منتصف الليل وأنا أحمل قارورة حبر زرقاء بلون علم الصهاينة. القارورة هي خاصّة بآلة الطباعة، ولكن لم يكن لديّ حلّ آخر فشراء علبة دهن أزرق في مثل هذا الظرف قد تكون عواقبه وخيمة. توجّهت إلى المدرسة التي أعمل بها، رسمت النجمة السداسية الزرقاء بمدخل الباب الأوّل. ثمّ تحوّلت إلى الباب الثاني لنفس الغاية. وأنا مُنحن إلى الأرض إذ بخيال شخص يقترب منّي رويدا رويدا. ما الحلّ؟ لا شيء. وقف الشخص ورائي ينتظرني. أنهيت الرسم. وقفت، تبادلنا النظرات. عرفت ملامحه العامة. سألني عمّا أفعله، فأجبته بصراحة. قال لي بالحرف الواحد وكان مخمورا: [توّا إنجي معاكم غدوة] قلت له: هذا غير ممكن، لأنّ التظاهرة ستكون داخل المدرسة. ولكن عندي طلب واحد. أنت لم تر شيئا ولم تسمع شيئا. فوعدني بذلك. وقد ثبت لي بعدها أنّه كان عند وعده.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 05 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

mercredi 28 décembre 2022

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/12

.
مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/12/ 
انهيار الإعلام والنظام الرسمييْن تحت الصدمة

لازلنا في الأسبوع الأوّل من سنة 2011: الاحتجاجات تتوسّع أفقيا على الأرض، أي في نقلة كميّة لا نوعية. لقد أُصيب النظام الرسمي العالمي بالذهول لما يحدث فلازم الصمت،  باستثناء ما أشرنا له سابقا من تعاطف الخارجية الفرنسية مع ابن علي، واستشراف القذافي الكاريكاتوريّ لمستقبل الحركة الاحتجاجية.
أمّا الإعلام: فالأجنبيّ منه فقد بدأ مع بداية جانفي في استرداد أنفاسه محاولا اللحاق بقناة الجزيرة في التقاط ما تناثر من مقاطع فيديو على صفحات الفايس بوك، والتي عرفت طفرة ملحوظة مع أوائل هذا الشهر.
وأمّا الإعلام الداخلي –الحكومي وشبه الحكومي- فقد انحاز للسلطة بنفس الخطابات التي اجترّها لعقود سابقة في وصف أحداث مشابهة (الفئة الضالّة والعصابات الملثّمة المأجورة في مقابل ما يبذله سيادة الرئيس من عناية بضعفاء الحال واهتمام بالمناطق المحرومة).

وممّا أذكره، تصريح عرّاف –الشارني- رأس تلك السنة على شاشة التلفاز بأنّ سنة 2011 ستكون سنة اكتشاف لحقل نفطيّ هام في الداخل التونسي. وبعد 14 جانفي عاد إلى ذهني تكّهن ذلك المنجّم. فاستغربتُ كيف تمكّن هذا العرّاف من رصد ما في باطن الأرض -وقد يحدث بعد أشهر و قد لا يحدث- ولم تُسعفه طلاسمه في استشراف وقائع تحدث أمام عينيْه، ثمّ تظهر نتائجها للجميع بعد أيّام قلائل.
------------------------------------
وأذكر مقالا لمذيع قناة الجزيرة (كريشان) بالقدس العربي في 4 جانفي 2011 تحت عنوان [لا تكتب عن تونس] هذا رابطه
 http://penseesopinions.blogspot.com/2013/06/blog-post_18.html
ليردّ فيه على أحد رجال إعلام ابن علي (الجريدي) الذي لامه على مقاله قبل أسبوع واحد أي 28 ديسمبر 2010 بعنوان [درس لوران باكبو] وحرب ساحل العاج. المذيع الكاتب صبّ غضبه في مقال [لا تكتب عن تونس] على ناقده. تفهّمتُ شعور المراسل الحربي في ذلك الوقت، بل وتعاطفتُ معه. حتى وقع ما وقع وحلّ بيننا خبير الصحافة بعد الثورة لينقلب كالملايين العشرة من التونسيين إلى خبير في السياسة. وكنت نزلتُ أحد التعليقات على نفس صفحة فايس بوك للإذاعة الذي أجرت معه اللقاء

وهذا مقتطع حرفي من التعليق بتاريخ 15 أفريل 2011: [مرحبا بالثائر/   بعد أن كتب (درس باغبو) سأله الصحفي المتحدث عنه (وماذا عن درس سيدي بوزيد؟) فأجابه في القدس العربي 04/01/2011  بمقال تحت عنوان (لاتكتب عن تونس) وهذا جزء منقول حرفيا للإعلامي الثائر:( لم تكن لي جرأة أن أتناول مقامات سامية أو انحرافات سياسية جلية - وهذا من حقّي على أية حال كأي مواطن آخر ناهيك عندما يكون صحافيا - بل اكتفيت بشيء واحد فقط لا غير هو الإعلام الذي من حقّي البديهي جدا أن أخوض فيه، كما يخوض الطبيب في عالم الطب والمهندس المعماري في شكل البنايات.) /انتهى كلام الرجل/  وهاهو الآن كغيره ينقلب من مذيع إعلامي إلى ثائر سياسي...] وقد نعود لاحقا لشواهد إعلامية أخرى

وفي باب الإعلام /الشريط: http://www.youtube.com/watch?v=mjj3oJR0urQ&feature=related
  نذكر أنّ الأسبوع الأول من السنة، وتحديدا يوم 5 جانفي 2011 تمّ الإعلان رسميّا على وفاة محرّك تسونامي الثورات محمد البوعزيزي رحمه الله //الصورة المصاحبة

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
05 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

mardi 27 décembre 2022

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/11

.
مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/11/ صمت 3 جانفي

دخلنا سنة جديدة –سنة2011- انتهت العطلة المدرسية والجامعية (نصف شهر). ومرّ اليوم الأول منها (يوم عطلة) فاليوم الثاني (يوم أحد) دون أن تشهد ساحة الصراع تصعيدا يُذكر. ثمّ حلّ يوم الإثنين 3 جانفي 2011 أول أيام دراسة بعد اندلاع الاحتجاجات. كان الجميع يتوقّع حدوث نقلة نوعية في المشهد الثوري. فاليوم يعود التلاميذ والطلبة إلى مدارسهم وجامعاتهم. هؤلاء كانوا إذا هبّت نسمة مظاهرات (ربيع باريس-ماي68) أو ريح انتفاضة (ربيع بيكين-ماي79) عصفت الجامعة بالخطب الناريّة والمسيرات التضامنية مع المضطهدين في فرنسا والصين. وهذا أمر طبيعي في تاريخ الجامعة التونسية خصوصا والجامعات الأخرى عموما. فالطالب هو الأنضج اجتماعيا من حيث التكوين والثقافة. وهو الذي لا يتقاضى أجرا حتى يخشى مؤجرّه. لذلك فهو المؤهل لقيادة كلّ احتجاج. ولكن اليوم الأول من الدراسة مرّ على الحاكم بسلام. بل تواصلت الدروس كامل الأسبوع بصفة شبه عادية.

فقد كان يقف أمام مقرّ الاتّحاد الجهوي عشرات الكهول المُحتجّين يُنادون: "يا مواطن يا ضحية، إيجا شارك في القضية" فيقف الشباب على الرصيف المقابل ينظرون في تساؤل أو تعاطف مع المُحتجّين دون أن يحاولوا شقّ الحزام الأمني المضروب على المقرّ.
وأمام استغراب الكثير، قيل إنّ الطلبة بصدد إجراء الاختبارات الثلاثية. انتظروا إلى ما بعد الخميس وسترون ما سيحدث.

وأذكر أنّ السبيل أون لاين كانت قد نشرت يوم الإثنين 3 جانفي 2011 خبرا يتيما –حسب اطّلاعي المتواضع- حول وقفة احتجاجية، لأساتذة معهد القنال (منزل الجميل-منزل عبد الرحمان).
ثم وبعد أيام عديدة، أذكر ما اُعتُبر يوما حاسما في يوميات الانتفاضة، يوم تنزيل صورة على الفايس بوك لكلية الهندسة على ما أعتقد لطلبة شكّلوا بأجسادهم عبارة "تونس حرّة" (الصورة المصاحبة).
و يوم الإثنين 10 جانفي أضرب معهد القنال المشار إليه، مع عديد المعاهد الأخرى بالجهة، وحتما كان الأمر كذلك في جهات أخرى. ومن الغد أُوقفت الدروس في المعاهد والكليّات، واكتملت مقوّمات الانتفاضة.... وللحديث بقية

ومضة: وليوم 3 جانفي صمت آخر في حقّ مناضلي تونس الحديثة. ففي يوم 3 جانفي من سنة 1984 كانت انتفاضة الخبز التي اندلعت من أقصى الجنوب هذه المرّة. واستمرّت على مشهور الأقوال المروية ستة أيام. عرفت ذروتها يوم 3 جانفي 1984 بسقوط عشرات الضحايا وإعلان حالة الطوارئ ومنع الجولان. ثمّ أخذت في التراجع إلى يوم 6 جانفي يوم إعلان بورقيبة عدوله عن قرار رفع ثمن الخبز والعجين.
وبما أنّني لم أشهد هذا الحدث التاريخي، ولم أتابعه أصلا لظرف استثنائي خاص، فلا يُمكنني كشف بعض زوايا المشهد. ولكنّ الشريط الوثائقي المُصاحب قد يُفيد من أراد الإبحار في المشهد الثوري الحديث:
وهذا رابط وثيقة نادرة بعنوان: وثيقة نص الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان حول أحداث الخبز:
يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
03 / 01 / 2011
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

dimanche 25 décembre 2022

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/10


.
مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/10/ موقع الاتحاد من الأحداث الجارية

ونحن لم ندخل بعد سنة 2011، كنّا قد عرضنا فـ9ي لعلاقة البوليس بالمُحتجّين. وأشرنا إلى العقد الضمني الذي كان واضحا بين الطرفيْن المتصارعيْن. وبالعودة إلى الطرف الثاني أي الاتّحاد والقاعدة النقابية، قلنا منذ بداية حديثنا: لم تكن هذه الاحتجاجات والتي تحوّلت فيما بعد إلى انتفاضة ثمّ إلى ثورة، لم تكن لتُفاجئ الرأي العام ولا المُراقبين لو انطلقت من داخل الاتّحاد. وذلك لعدّة أسباب منها:

* ثورة 26 جانفي 1978 الاتحاد كان الفاعل الرئيس فيها تخطيطا وتنفيذا. وحُمِّل هيكله -قيادة وقاعدة- الجزء الأوفر من تبعاتها/ الشريط المصاحب: http://www.youtube.com/watch?v=5kWCETzSkZk
 وسنعود لهذا الملف بالتحليل مطوّلا في وقته.

* الصراع داخل الإطارات النقابية كان على أشدّه قُبيل اندلاع شرارة أحداث 17 ديسمبر 2010 بخصوص تنقيح البند 10 من قانونه الداخلي، والمحدّد لفترات الترشّح لمكتبه التنفيذي.

* إضافة للظروف الاجتماعية المتردّية كارتفاع البطالة وتدهور القدرة الشرائية. فهذه المؤشرات وغيرها كانت يُمكن أن تكون سبب هذه الانتفاضة أو الثورة.

ولكنّ ذلك لا يعني أنّ هذه العوامل نفسها لم يكن لها تأثير على مُجريات الأحداث التي نحن بصددها. فحتى السلبية منها ساهمت في صنع الحدث. وكنّا قد أشرنا إلى بعضها سابقا كغياب التنسيق بين القاعدة النقابية وقياداتها، وتعدد مواقف الاتحادات الجهوية من مجريات الأحداث، بل وتناقضاتها أحيانا. ولعلّنا نستدلّ هنا بنقطة واحدة: ليلة رأس السنة الميلادية 2010/2011، هتف المحتجّون بشعارات مختلفة دون اعتراض من أحد. ولكن ما إن رفع أحدهم صوته وتبعه آخرون بِــ "عار عار عَــالاتّحاد/ وينو الموقف يا جراد" حتى استشاط بعض الحاضرين غضبا، وطالبوا بالتوقّف عن هذا النداء. ممّا جعل مصوّر التظاهرة -ياسين البجاوي- ينقل كاميراه لسطح البناية لتصوير حشود البوليس خارج المقرّ (الشريط السابق: ليلة الفصل بين سنتيْن).

لكن في المقابل، ما كانت هذه الاحتجاجات لتنجح، لو لم تفتح هذه المقرّات أحضانها للمحتجّين. فلم تكن أيّة جهة مستعدّة لخوض هذه المغامرة. وقد تحدّثنا من قبل عن الزواج غير المُعلن لحزب (ب.د.ب) بالاتّحاد الجهوي للشغل. فطيلة فترة حصار البوليس للمُحتجّين بمقرّ الاتحاد الجهوي ببنزرت، كانت الجهة الوحيدة المُفاوضة للحاكم هي الاتحاد مُمثلا في شخص الكاتب العام الجهوي، والذي كان غالبا يصل إلى حلّ وسط تقبله كلّ الأطراف. غير أنّ هذا الشخص لم يسلم بعد مدّة قصيرة من رحيل ابن علي من لعنة (ديقاج) وللحديث بقية.

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش
نسخة 30 / 12 / 2011
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها