.
نعم قلناها لِمن كان أشد منكم بطشا وقوة
إنّ اعتراضنا على قطع الطريق لإقامة صلاة العيد به لم يكن من بركات
الثورة، بل هو منهجنا حتى في عصر الاستبداد؟
وهذا مثال استشهادي في نفس السياق: ذات صباح، قصدتُ المقهى المُعتاد.
وفي الطريق، فوجئت بعمال البلدية يُقيمون سياجا في جزء من الطريق الرئيسية وأمام
مقرّ معتمدية العالية (الصورة المصاحبة). السياج كان عبارة عن أعمدة حديدية تفوق
المتر بقليل ومثبّتة بالأرض، وتربط بينها سلسلة حديدية تنتهي بقفل. وقفتُ برهة
أتأمّل المشهد ساخطا ثم واصلتُ طريقي حيث أصدقائي وزملائي. احتسيت قهوتي وقصصت
حكايتي على الحاضرين.
ولكنّ كلّ ذلك لم يُهدّئ من غضبي، فقفزتُ من مكاني وتوجّهتُ
لقصر البلدية الجهة الساهرة على تنفيذ المشروع. دخلتُ مكتب رئيس البلدية –وكان في
اجتماع بأربعة أو خمسة من مستشاريه. قدّمتُ لهم شكواي، فاستقبلوني باحترام وترحاب
كبيرين. ولكنّ ذلك لم يكن يعني قبول اعتراضي.
قلتُ: كيف لي كمواطن أو أنتم كسلطة أن نعترض مستقبلا على صاحب مغازة يُغلق
رصيفا بمعروضاته، أو مالك شاحنة يسدّ زقاقا بعربته؟ قالوا: لا الأمر مُختلف، فمن
غير المعقول أن تظلّ الشاحنات راسية على مدار الساعة أمام مقرّ ذي سيادة. فهذه
مؤسسة حكومية وعلينا صيانة هيبتها. قلتُ: هذه حجّة ضدّكم. بما أنّكم تقولون هذه
دولة قانون ومؤسسات، عليكم أن تُحافظوا على مؤسساتكم بتطبيق القانون. انظروا كم من
فائدة تجنونها بوضع لافتة مكتوب عليها: ممنوع الوقوف والتوقّف.
فكان ردّهم بما
معناه: نحن بين المطرقة والسندان. لا نستطيع ردّ التماس المعتمد، وكذلك لا نُريد
إلحاق الضرر بأبناء بلدتنا. ولتلطيف أجواء النقاش انتقل بي المجلس لأحاديث جانبية. ثمّ
انتهى اللقاء.
سبحان الله، مرّت الأيام ودارت الأيام. وجاء يوم 13 جانفي 2011 واكتسحت
مجموعة من الشباب الغاضب و/أو المُندس الحاجز المانع فأزالته –أو ما بقي منه- كما
اقتحمت مقرّ المعتمدية فأحرقته والمنزل الوظيفي للمعتمد (الصورة المصاحبة). ولا
أدري إن تمّت هذه الحادثة في زمن المعتمد نفسه، الذي طالب بسياج يحميه، أو أنّ
زميلا له كان يشغل المنصب ليلة سقوط ابن علي.
والسلام، عثمان الدرويش
06-08-2013
مسؤولية وحقوق هذه المادّة لصاحبها
.