Pages

Nombre total de pages vues

jeudi 1 septembre 2022

التّبغ أو الدخان: النبتة والسيجارة -3 /الفلاح بين سندان المُفتي ومطرقة الحاكم

.
كيف لحكومة عجزت عن إدارة monopole، أن تنجح في تسيير دواليب دولة بأكملها؟
التّبغ أو الدخان: النبتة والسيجارة -3
الفلاح بين سندان المُفتي ومطرقة الحاكم

يُخطئ المُتابع للمسألة التي نحن بصددها إذا توقّع أنّ أطرافا عديدة لها علاقة بالتبغ – نبتة وسيجارة- مثلا: وزارة الفلاحة (إنتاج النبتة) / وزارة الاقتصاد (تصنيع المادّة) / وزارة التجارة (ترويج السلعة) ... لا أبدا.
إنّ الوكالة "القومية" للتبغ والوقيد العائدة بالنظر لوزارة المالية هي الراعي الوحيد لإنتاج التبغ في البلاد. فهذه الوكالة (Régie/Monopole) الحكومية هي وحدها المحتكرة للعملية: فهي التي تمدّ الفلاح بمشاتل التبغ، ومرشد الوكالة هو مَن يقوم بمتابعة نموّ النبتة ومراقبة الفلاح، والوكالة هي الجهة الوحيدة المخوّلة لشراء المنتوج، وهي بنفسها تقوم بتصنيعه، ثمّ بيعه لتجّار مُعيّنين (ولازلنا نذكر طريقة الحكومة - سابقا – إذ كانت لا تُسلّم  رخصة (باتيندة) بيع دخان إلاّ لِمَن كان مِن "كبار" مناضلي الحزب الدستوري الحاكم وقتها). وعملية تزويد صاحب هذه الباتيندة الخاصّة بعلب السجائر تتمّ فقط عبر القباضات المالية الراجعة بالنظر للدولة، وبشروط دقيقة. وهذا خلاف لأيّة سلعة أخرى.

                   إنّ احتكار الوكالة لقطاع التبغ – فلاحة وصناعة وتجارة- بهذه الكيفية يجعل تحكّم الحكومة في مسألة إنتاج هذه البضاعة وتحديد سعرها ومراقبة توزيعها عملية في غاية السهولة. غير أنّ ما نلحظه -وطيلة حكم الترويكا- من قلّة في العرض واضطراب في التوزيع وارتفاع في الأسعار، جعل بعض أنواع السجائر يرتفع ثمنها في السوق السوداء لأكثر من ثلث السعر المحدّد. 
فمثلا: علبة السجائر من نوع 20 مارس خفيفة ارتفع سعرها إلى 2,250د بزيادة 0,300د على دفعتيْن خلال الأشهر التسعة الأولى لهذه الحكومة. وكانت نسبة هذه الزيادة سابقة من نوعها. ورغم ذلك فإنّ المستهلك لا يحصل على هذه العلبة من السجائر إلاّ من خلال السوق السوداء وبثمن لا يقلّ عن 3,000د.  

                    فإذا عجزت الترويكا –وطيلة حكمها- على تسيير وكالة(Monopole)، كيف يُمكنها إقناعنا بأنّها ذات كفاءة عالية، مكّنتها من تحقيق إنجازات عظيمة ونجاحات باهرة في إدارة شؤون الدولة المُتشّعبة؟ 

وبالعودة لقضية الحال، نقول لبعض "الشيوخ" المُحرِّمين على الفلاح زراعة التبغ أو الدّخان دون نصوص شرعية صريحة: أنتم تعلمون أنّ سماسرة السوق والإقطاعيين الجدد قد جعلوا لأنفسهم أربابا، ولم يعد لكم سلطان عليهم، وتُدركون فشل "حكومة الثورة" في السيطرة على مفاصل اقتصاد السوق ولكنّكم فضّلتم الصمت –مُختارين أو مُضطرّين-. وعندما لم يبق لكم في هذه السلسلة إلاّ الحلقة الأضعف وهي [الفلاح البسيط] وجّهتم إليه سهام فتاواكم، حتى تضمنوا سيطرتكم عليه وعلى أمثاله من الطيّبين.

ربنا لا تجعلنا مِن الذين اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله.
مع تحيات خواطر وآراء
12-06-2012

.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire