Pages

Nombre total de pages vues

samedi 14 janvier 2023

مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/25/ يوم الحسم

.
مقاربة ذاتية للمشهد الثوري الحديث في تونس/25/ يوم الحسم

اليوم هو الجمعة 14 جانفي 2011 والحدث الأهمّ الذي كان الشعب يرصده هو ردود الفعل على خطاب ابن علي ليلة البارحة – وقد جاءت في أغلبيتها الساحقة رافضة له شكلا ومضمونا-. أمّا الحدث الثاني في الأهمية هو انتظار مدى نجاح الإضراب العام الذي دعا إليه اتّحاد الشغل عن ولاية تونس، والذي لاقى قبولا منقطع النظير. إضافة لما ذكرنا، كان تحريض الفايس بوك الجماهير على العصيان المدني، وتزايد عمليات القتل والقنص.  هذه العوامل الأربعة مجتمعة حوّلت الانتفاضة إلى مشهد ثوريّ مبتكر أصيل –أي غير مستنسخ-. 

يومها أعلنت وسائل الإعلام الرسمية أنّ ابن علي قد أقال حكومة محمد الغنوشي، وأضاف لقرار حظر الجولان إعلان حالة الطوارئ في البلاد. ولكن ما لم يُدركه ابن علي هو ما كنتُ أعتقده شخصيا ولعقود سابقة، وحسب تجارب متواضعة في ظروف أقلّ تعقيدا من التي نحن بصددها هي: [ مِن السهل على الإنسان الانخراط في مظاهرة، ولكن يصعب عليه كثيرا الانسحاب منها. أي إنّ الإنسان بمجرّد دخوله مظاهرة بمحض إرادته الشخصية، يُصبح مُجبرا، تحت إرادة الكتلة الجماهيرية ] وكان مسرح الأحداث -اليوم- شارع الحبيب بورقيبة، حيث مقرّ وزارة الداخلية // الصورة المصاحبة

في بنزرت لم يكن المشهد مُغايرا. فقد عرفت المدينة مسيرة ضخمة هذا الصباح. هي ثاني مسيرة تجوب الشوارع بعد تبخّر بوليس المدينة. وأذكر يومها كيف شقّ صفوف المتظاهرين شابّان "ميليشيا" (من بلطجية ابن علي، حسب التعبير المصري). كان الأول يُزمجر ويُرعد، والثاني يتبعه في صمت. والغريب، أن لا أحد استطاع –أو حاول- التصدّي له. لقد كان حالنا كحال قطيع من الخرفان يشقّه ذئب مفترس.

أرخى الليل ستار الظلم على البلاد. فلا حصيلة لضحايا اليوم، ولا تنازلات للحاكم بأمره. وانتشرت الإشاعات والإشاعات المضادّة من مصادر رسمية وشعبية. وقبيل الساعة الثامنة، يرد على قناة الجزيرة خبر طيران ابن علي نحو أوروبا. فيطير الشعب فرحا. ثمّ تتضارب الأنباء، ويزداد الجوّ اضطرابا: لقد فرّ مساجين حبس كذا وكذا. لقد انتشرت في البلاد عصابات مسلّحة على متن سيارات كراء. لقد تمّ قنص مواطن، فآخر، ثمّ آخر... حتى خرج علينا الوزير الأول لنظام ابن علي.

 خرج محمد الغنوشي عبر تسجيل متلفز يتوسّط كلاّ من فؤاد المبزّع وعبد الله قلال رئيسيْ مجلسيْ النواب والمستشارين. الخبر الذي أُعِدّ في عجل، وقرأه الغنوشي في ارتباك ينصّ على أنّ ابن علي قد كلّف قارئ البرقية بتولّي مهام رئيس الدولة مؤقّتا –أي لأجل غير معلن-. الشعب لم يكترث، ولم يكن يهمّه لحظتها فحوى الخطاب.

 فالمهمّ أنّ ابن علي قد رحل // الشريط المصاحب

يتبع بإذن الله...والسلام، عثمان الدرويش    
نسخة 14 / 01 / 2012
مسؤولية وحقوق هذه المادة لصاحبها
.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire